السخرية المؤلمة في السؤال المطروح تشير إلى المفارقة المريرة بين ما يحصل في #إدلب واحتفالات #الهالوين التي يرتدي فيها الأطفال أزياءً مخيفة للمرح في 31 تشرين الأول/ أكتوبر في بلاد الغرب، فترى أحدهم ملطخا بدم كذب والآخر ضرب على رأسه بفأس وغيرهم يلبسون ثياب القراصنة المهلهلة!
نعم بين المرح غير المعقول وبين الواقع المأساوي إلى حد اللامعقول الذي يعيشه أطفال إدلب تحت القصف، ليس اليوم فقط، بل على مدى عقد كامل. لا توجد أي احتفالات للأطفال هناك ولا دم كذب، بل جراح غائرة ودماء ساخنة في اطار معاناة حقيقية بسبب الهجمات المتكررة التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية، تماما كما تفعل إسرائيل وتحت الذريعة ذاتها “القضاء على الإرهابيين”!!! والنتيجة يستمر عمل عدّاد الأرواح التي تغادرنا إلى السماء يوميا، وهو يشير في هذه اللحظات في اليوم الـ376 من الحرب على القطاع إلى 42409 قتيلا و99153 جريحاً، حسب وزارة الإعلام السورية.
الوزارة نفسها تتابع ما يجري في #لبنان بدقة متناهية تجعلك تعجب من بلادتها وتقصيرها في متابعة ما يجري على الأراضي السورية، حيث تنشر تحديثات وزارة الصحة اللبنانية التي ذكرت أن 2367 شخصا قتلوا و11088 أصيبوا منذ بدء الهجوم على #لبنان، وكانت الوزارة السورية في طليعة القنوات التي أعلنت مقتل رئيس بلدية النبطية بغارة قتلت وجرحت نحو 70 شخصا.
طبعا، في كل هذه البقع من الأراضي العربية، الدماء المسفوحة على الأرض أو تلك التي تكلل رؤوس الأطفال ليست من التحضيرات للاحتفال بالهالوين، أبدا.
وفي هذا اليوم، حيث كانت الطائرات الحربية الروسية – السورية تقصف مناطق مدنية، ومن بينها ورشة لتصنيع المفروشات ومعصرة زيتون على أطراف إدلب، حيث قُتل 10 مدنيين وأُصيب 32 آخرون بجروح، بينهم أطفال كانوا يكافحون من أجل النجاة، بينما فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تحاول إنقاذ من تبقى تحت الأنقاض. هذا “الاحتفال” الذي يحدث في إدلب ليس احتفالاً بالحياة أو المرح، بل جريمة يرتكبها سفاحون لديهم جمهور يصفق، هو من جهلة أخرى صراع مرير للبقاء على قيد الحياة في وجه القصف والتدمير.
يعلق أحد الساخرين على خبر سقوط أطفال بالضربات الجوية، أليس في إدلب سوى الأطفال؟؟! متجاهلا صورة خالد الذي كللت دماؤه رأسه، فلعل ابتسامة الأمل الساحرة على شفتيه خدعت هذا المتسائل الكاذب الذي يسير على خطى مئات الآلاف ممن تجاهلوا القتل والتدمير والتنكيل ثم التهجير بحق السوريين على مدى 13 عاما.
القصص التي يرويها متطوعو الخوذ البيضاء، مثل إنقاذ الطفل خالد من تحت الأنقاض، تذكرنا بالمآسي المتكررة التي يعيشها سكان إدلب، تشبه ما حدث أثناء الزلزال أو أي كارثة طبيعية، إلا أن الفرق هنا أن الكارثة هذه من صنع بشر يمثلون بلادا مثل سوريا وروسيا وإيران رسميا أمام المجتمع الدولي!!
فهل يظن بشار الأسد حليفه الروسي فلاديمير بوتين أنهم بإجرامهم هذا يعدون لحفل مرح على غرار الهالوين؟! أم هكذا يظن أتباعهم الذين باتوا يعيشون هذا الرعب خلال ملاحقة غارات طائرات الاحتلال عناصر ميليشيات إيران في سوريا، ومع ذلك هم يلعنون الطائرات فوق جنوب لبنان ويحيونها شمال سوريا!
أخيرا، فجملة الأسئلة الساخر قد يعكس إحساساً بالعجز أمام الواقع المأساوي، لكن الحقيقة تظل مريرة: أطفال إدلب ليس لديهم أي “هالوين” يحتفلون به، بل يواجهون الفظائع والدمار والحصار يومياً بوجوه ملطخة بالدماء تماما مثل أطفال غزة!