أكد جهاد عيسى الشيخ، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون القبائل، خلال زيارته إلى تل أبيض بريف الرقة، أن سوريا ليست للبيع ولا للتقسيم، مشددًا على أن المرحلة المقبلة ستشهد تأسيس مكاتب صلح عشائرية في مختلف المحافظات لمعالجة النزاعات المحلية وتعزيز التماسك الاجتماعي.

وجاءت تصريحات الشيخ خلال تجمع موسّع للقبائل والعشائر بحضور وجهاء المنطقة وأبنائها، حيث شدد على ضرورة توحيد الصفوف ونبذ الخلافات، معتبرًا أن “النظام السابق أفسد كثيرًا، وحان الوقت لإصلاح ما أفسده عبر الحوار والتعاون بين القبائل والمؤسسات الرسمية”.

وأوضح الشيخ أن مشروع مكاتب الصلح يهدف إلى “إطفاء الفتن ومعالجة القضايا بين العشائر بروح المسؤولية الوطنية”، مؤكدًا أن القيادة السورية “تولي اهتمامًا خاصًا بملف العفو والوحدة الوطنية”.

وفي كلمة ألقاها خلال اللقاء، شدّد الشيخ على وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع تقسيم، قائلاً:

“سوريا بإذن الله ليست للبيع ولا للتقسيم. عشنا أيامًا صعبة في إدلب، كنا محاصرين، لكن بفضل الله تحررت سوريا بأقل الخسائر. لذلك أقول لإخوتي من القبائل والعشائر: لا تقلقوا على هذه المناطق، الخير قادم بإذن الله.”

ودعا الشيخ إلى توحيد الصف القبلي والاجتماعي ونبذ الخلافات بين العشائر، معتبرًا أن المرحلة الراهنة تتطلب تعاونًا واسعًا من جميع المكونات. وأضاف:

“أول مهمة للقبائل والعشائر أن يكون هناك إصلاح ذات البين. نحن عشنا أربعة عشر عامًا من المعاناة، وكل بيت سوري مكلوم ومتأذٍ، آن الأوان أن نتوحد ونفتح صفحة جديدة. النظام السابق أفسد كثيرًا، ومهمتنا اليوم أن نصلح ما أفسده.”

وأكد الشيخ أنه يعمل بتكليف مباشر من السيد الرئيس على تنظيم شؤون القبائل وإنشاء مكاتب صلح في جميع المحافظات السورية بهدف احتواء النزاعات المحلية، وقال:

“سنبدأ بترتيب مكاتب للصلح في كل المحافظات لتكون وسيلة لإطفاء المشاكل. نحن ملتزمون بمتابعة أي أمر يخص العشائر بشكل مباشر.”

كما تطرّق إلى ملف العفو العام، موضحًا أن القيادة ماضية في سياسة التسامح:

“منذ بداية المعركة كان عنوانها العفو، وكانت لها نتائج كبيرة. السيد الرئيس مهتم بملف العفو، ونحن ملتزمون بتنفيذ توجيهاته، إلا في القضايا التي تمسّ حقوق الناس.”

وختم الشيخ كلمته بالتأكيد على أهمية الثقة بين القبائل والقيادة، قائلاً:

“جربنا القيادة في أصعب المراحل، فوجدناها ثابتة ومتفائلة ووفية. اليوم علينا جميعًا أن نتعاون، لأن قيمة العرب والقبائل تكمن في وحدتهم وتضامنهم.”

وفي السياق، قال الشيخ عبد المنعم الناصيف، رئيس مجلس القبائل والعشائر السورية، خلال الاجتماع إن المرحلة الحالية تمثل “بداية حقيقية لتفعيل الدور الوطني للقبائل والعشائر في بناء الدولة السورية الجديدة”، مؤكدًا أن العمل جارٍ على تأسيس مكاتب لمجلس القبائل والعشائر في كل المحافظات السورية، بإشراف مباشر من مستشار الرئيس لشؤون القبائل والعشائر جهاد عيسى الشيخ.

وأوضح الناصيف أن الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز وحدة الصف الوطني وحل الخلافات العشائرية عبر قنوات رسمية ومنظمة، مضيفًا:

“في السابق، خلال فترة النظام المجرم، كانت العشائر مهمشة. أما اليوم فلدينا دور رائد بإذن الله، ولن ننجح في هذا الدور إلا إذا كنا معتصمين بحبل الله جميعًا، موحدين في صف واحد، تسوده روح العفو والتسامح.”

وأشار رئيس المجلس إلى أن الرئاسة السورية كانت قد وعدت منذ فترة بإعطاء العشائر دورًا محوريًا في دعم الاستقرار والمصالحة الوطنية، مؤكدًا أن هذا الوعد يُترجم اليوم عبر مشروع “الإدارة العامة للقبائل والعشائر السورية” التي ستتخذ من دمشق مركزًا لها، على أن تُنشأ مكاتب فرعية في جميع المحافظات لتنسيق الجهود الميدانية.

وأضاف الناصيف أن العمل بدأ فعليًا بتشكيل مكاتب في بعض المناطق، منها منبج (حلب) وحماة ورأس العين، على أن يتم قريبًا اختيار مدير لمكتب تل أبيض، مشددًا على أن الهدف هو “تنظيم العمل العشائري ضمن إطار وطني جامع يخدم وحدة سوريا ومستقبلها.”