بدأت سوريا ولبنان، الجمعة، أول محادثات رسمية منذ سقوط نظام بشار الأسد، في زيارة وُصفت بـ”التاريخية” لوزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، تهدف إلى “فتح صفحة جديدة” بين البلدين بعد عقود من التوتر والوصاية السياسية والأمنية.
ووصل الشيباني، يرافقه وزير العدل مظهر الويس ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، إلى قصر السراي في بيروت حيث التقى رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، قبل عقد مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره اللبناني يوسف رجي، أكد خلاله أن الزيارة تأتي “بتوجيه مباشر من الرئيس أحمد الشرع لتأكيد عمق العلاقات السورية اللبنانية وبدء مرحلة من التعاون السياسي والاقتصادي”.
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية إن المباحثات تناولت ملفات حساسة من بينها ترسيم الحدود البرية والبحرية، وملف الموقوفين والمفقودين، وعودة اللاجئين السوريين، إلى جانب إعادة النظر في المعاهدات الموقعة خلال فترة النظام السابق في دمشق.
وأضافت أن الجانب السوري أكد رغبته في “الانتقال من العلاقة الأمنية التي كانت سائدة في الماضي إلى علاقة سياسية واقتصادية متطورة تصب في مصلحة الشعبين”، فيما شدّد الوزير رجي على أن بيروت “ترحب بالتوجه السوري الجديد القائم على احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية”.
وخلال لقائه الرئيس اللبناني جوزاف عون، قال الشيباني إن بلاده “تعيش مرحلة من التعافي وإعادة الإعمار ويجب أن ينعكس ذلك إيجاباً على لبنان”، مضيفاً أن دمشق “تعمل على خطة دولية تضمن عودة كريمة ومستدامة للاجئين السوريين”.
أما وزير العدل السوري مظهر الويس فقال لقناة الإخبارية السورية إن “الملف الإنساني للموقوفين السوريين في سجن رومية كان أولوية على جدول الزيارة”، مشيراً إلى أن هناك “تقدماً ملموساً واتفاقاً على عقد اجتماعات قريبة لإنهاء هذه المأساة”.
من جهته، أكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري في مؤتمر صحفي مشترك مع الوزير الشيباني أن “صفحة جديدة ومشرقة فُتحت في العلاقات اللبنانية السورية لم يشهدها التاريخ الحديث”، مضيفاً أن الحوار بين الجانبين “سيستمر لمعالجة الملفات العالقة على قاعدة المصلحة المشتركة”.
وفي تصريحات لاحقة، قال مدير إدارة الشؤون العربية في الخارجية السورية محمد طه الأحمد إن الزيارة “تاريخية وخاصة بعد سقوط النظام البائد”، مشيراً إلى أن دمشق وبيروت اتفقتا على “تسليم السجناء السوريين باستثناء من تورطت أيديهم بدماء الأبرياء”، وعلى “تشكيل لجنة مشتركة لضبط الحدود ومكافحة التهريب”.
وأضاف الأحمد أن “معظم اللاجئين السوريين هُجّروا من مناطق كانت مناهضة للنظام السابق، وأن القيادة السورية الحالية تعمل على توفير الخدمات والبنية التحتية لعودتهم”، مؤكداً أن “سوريا تحتاج إلى سواعد أبنائها لإعادة البناء والانخراط في التنمية”.
واعتبرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن “الطريق لا يزال طويلاً”، لكنها أشارت إلى أن “صفاء النوايا يمكن أن يجعل مصلحة البلدين الشقيقين تسمو على كل الاعتبارات”، مؤكدة أن الاجتماعات الثنائية ستُستكمل عبر لجان مشتركة لبحث ملفات الحدود والاتفاقيات الموقعة والموقوفين.