“سوريا بعد اليوم لن تكون ساحة لصراع النفوذ… نمد يدنا لكل من يحب هذا الوطن”

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة متلفزة مساء الاثنين، أن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا منذ أكثر من عقد قد رُفعت رسميًا، في خطوة وصفها بـ”القرار التاريخي الشجاع”، إيذانًا بمرحلة جديدة من الانفتاح وإعادة الإعمار.

وقال الشرع إن قرار رفع العقوبات جاء تتويجًا لتحركات دبلوماسية مكثفة خلال الأشهر الماضية، شملت زيارات رئاسية إلى عدة عواصم إقليمية ودولية، وتضمنت لقاءات مع قادة السعودية وتركيا وقطر والإمارات ومصر، بالإضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة.

وأضاف : “قد استجاب الرئيس ترامب لكل هذا الحب، فكان قرار رفع العقوبات قرارا تاريخيا شجاعا. أيها السوريون، إن الطريق لا يزال أمامنا طويلاً، فاليوم قد بدأ العمل الجاد، وبدأت معه نهضة سوريا الحديثة، لنبني سوريا معاً نحو التقدم والازدهار والعلم والعمل”.

اعتراف أممي ودولي

“اليوم لا نحتفل برفع العقوبات فحسب، بل بعودة سوريا إلى مكانتها في قلب الإقليم، وبدء نهضتها الحديثة”، قال الشرع في خطابه الذي بثّته القنوات الرسمية، مشيرًا إلى أن سوريا باتت “مهيأة لانطلاقة اقتصادية شاملة بجهود السوريين ودعم الأشقاء والأصدقاء”.

وأضاف الشرع أن السعودية، عبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كانت من أوائل الداعمين لجهود رفع العقوبات، فيما أكد أن تركيا وقطر والإمارات قدمت مبادرات عملية لإعادة سوريا إلى الحاضنة الإقليمية، مشددًا على “صدق المشاعر الأخوية” التي لمسها في هذه الجولات.

ووفق الرئيس السوري، فقد شاركت “سوريا الجديدة” خلال الشهور الماضية في عدة منتديات دولية، ورفعت علمها مجددًا في الأمم المتحدة، كما نجحت، بحسب تعبيره، في “فتح أبواب كانت موصدة”، بما في ذلك علاقات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.

كما شكر الشرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على “استعداده المبكر” لدعم سوريا، وكذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ما وصفه بـ”القرار التاريخي الشجاع” برفع العقوبات، مشيدًا بـ”تأثير الجاليات السورية في الخارج التي لعبت دورًا كبيرًا في إيصال صوت الشعب”.

خارطة اقتصادية جديدة

أكد الشرع أن سوريا ستلتزم بتوفير بيئة استثمارية “جاذبة وعادلة”، قائلا: أن “سوريا تلتزم بتعزيز المناخ الاستثماري وتطوير التشريعات الاقتصادية وتقديم التسهيلات الكفيلة بتمكين رأس المال الوطني والأجنبي من الإسهام الفاعل في إعادة الإعمار والتنمية الشاملة”.

“نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج، ومن الأشقاء والأصدقاء في كل مكان. سوريا اليوم أرض مفتوحة للعمل والبناء”، قال الشرع، متعهدًا أن تكون البلاد “وفيّة لكل يد امتدت إليها بخير”.

سوريا لكل السوريين

وفي ختام كلمته، وجّه الرئيس السوري رسالة وحدة، فقال: “لن نسمح بتقسيم سوريا ولن نفسح المجال لإحياء سرديات النظام السابق لتفتيت شعبنا، سوريا لكل السوريين.. بكل طوائفها وأعراقها ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، التعايش هو إرثنا عبر التاريخ وإن الانقسامات التي مزقتنا كانت دائماً بفعل التدخلات الخارجية، واليوم نرفضها جميعاً”.

وقال “لقد علمتنا المحن أن قوتنا في وحدتنا وأن طريق النهوض لا يعبد إلا بالتكاتف والعمل الجاد”.

وأكد أن سوريا لن تعود ساحة لصراع النفوذ، وأنها ترفض الانقسامات “التي غذّتها التدخلات الخارجية”

كما تعهد بعدم إغفال حقوق الضحايا والجرحى، مشيرًا إلى أن “شهداء الثورة السورية سيكونون حاضرين في كل خطوة نحو المستقبل”.