شوارعُ أحياء تملؤها النّفايات، هذا ما آلت إليه الحال في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، وسط إرجاع السّكان السبب لتأخر سيارات جمع النفايات التابعة للبلدية، واعتبار الأخيرة أنّ السّكان غير مُلتزمين.
ولا يخفى على المارة في الطرقات قشور الفواكه كالبرتقال والليمون والرمَّان والكؤوس البلاستيكية، والأكياس المفتوحة المرمية خارج المكبات، التي يلحظون انقلاب بعضها.
وينفي حسن العكيدي (48 عاماً) وهو أحد سكان حي طي بمدينة القامشلي، وجود من يهتم بنظافة الحي، قائلاً لنورث برس: “الحي مطمور بالنّفايات، وتنتشر فيه روائح كريهة تسبب الأمراض للأطفال”.
ويصف “العكيدي” كيفية التّخلص من المهملات، حيث أن “السّكان يحملون أكياس القمامة على ظهورهم، إلى المكبات الخاصة بها”، وبلهجته العامية يضيف: “حتى سيارات الأجرة لا تقلنا”.
وفي كل شهر يدفع السّكان للبلدية ثلاث آلاف ليرة سورية تقريباً، رسم نظافة، حسب “العكيدي”، ويطالب الرّجل بالتّنظيم والتّنسيق “يجب أنّ لا نعيش بين النّفايات”.
تبريرات وخطط
وفي صباح كل يوم تجول 40 آلية مخصصة للنظافة في كافة الأحياء، وتتناوب الآليات في عدد من الأحياء، كما يقول أمين جدوع عضو المكتب التّنفيذي القائم على قسم النّظافة في بلدية القامشلي.
وحسب البلدية، فإنّ ترحيل المهملات من وسط المدينة والأسواق يتم ثلاث مرات يومياً، ومن المقرر أنّ ترتفع لأربع مرات.
وأشار “جدوع”، إلى أنه “من المخطط أنّ تتناوب الآليات بعد منتصف الليل في العام الجاري، وسيتم إنشاء 250 حاوية توزع على الأحياء والأسواق”.
وما أخرّ هذه العملية هو تعطل عدد من الأليات وهي الآن في الصّيانة، وسيشدد على عملها في فصل الصّيف، كما قال المسؤول.
وأضاف: “سنضم 30 عامل وثلاث آليات أخرى للحد من تراكم النّفايات”.
كما يتهم “جدوع” السّكان بـ”الإهمال”، إذ يُلقون القمامة من أسطح أبنيهم ونوافذ سياراتهم، الأمر الذي يؤدي لتجمعها حول الحاويات.
وبعد إزالة آليات البلدية النّفايات، يعود السّكان لرمي القُمامة في الطّرقات من جديد، حسبما قالت البلدية.
ويرى “جدوع” أنّه لو تعاون السّكان مع البلدية، لما انتشرت هذه الظاهرة.
لوم وقلق
ونظراً لانتشار الروائح المُنبعثة من النّفايات المُتراكمة، يقول حسن خليل (28 عاماً) من سكان الحي الغربي أنه “لا ينام”.
ولا تقوم البلدية بحملة التنظيف إلا في يوم الأحد من كل أسبوع، وفي حال لم تكن مُلزمة لا تأتي، كما يشير “خليل”، ليصف تدابير النّظافة بـ”الصّفر”.
وفي يوم افتتاح السّوق الشّعبي “سوق الأحد” القريب من منزله، والذي يحتشد فيه العديد من سكان المنطقة، ليشتروا حاجياتهم، تتراكم النّفايات بشكل لا يصدق، حسبما قال “خليل”.
وتجمع البلدية ما يقارب الـ30 و40 طناً يومياً من النفايات، لتنقلها إلى مكان مخصص، حتى ترحلها في نفس اليوم إلى مكب النّفايات الخاص بالقرب من بلدة الهول، حسب تصريح مسؤولين في البلدية لنورث برس.
بينما لا يعتبر بوزان أوسو، صاحب بسطة مُتنقلة في سوق الأحد، أنّ القمامة تتراكم في هذا اليوم فقط، “هي تنتشر بكثرة في تلك المنطقة يومياً”.
ويعبر “أوسو” عن قلقه على سكان المنازل المُجاورة للسوق، مُتسائلاً عن كيفية تحملهم لهذه الرّوائح؟”.
وتؤثر النفايات المُنتشرة على منظر المدينة وجماليتها وتنظيمها، الأمر الذي ينعكس سلباً على سمعة سكانها.
استياء وتقصير
وعبر سكان آخرون من المدينة عن استيائهم حيال النفايات المتراكمة في الأحياء ووسطها، إذ يخرج أطفال صغار ونساء ورجال، قبل أن تبدأ البلدية بعملها، في كل يوم ويبحثون في أكياس القمامة عن ما يمكن بيعه من “زجاج، نايلون، بقايا أقمشة” وغيرها، ويتركون الأكياس مفتوحة.
ويوجه بوزان نداءً لإدارة البلدية، بأن تجد حلولاً سريعة لهذه الظّاهرة، ولا سيما في ظل تفشي وباء كورونا.
وباعتبار أنّ النفايات تجمع الحشرات كذبابة الرمل التي تسبب اللاشمانيا والبعوض، فإن ذلك ينذر بانتشار أمراض عدة، وليس وارداً احتمال حرق النفايات، إذ أّنّ ذلك سيسبب تلوثاً في الهواء، وأمراض صدرية عدة.
ويرى “أوسو” أنّ السّكان يجمعون القمامة في المنازل والمحال التّجارية، ويخرجونها إلى الشّارع وهنا يأتي دور البلدية.
وتعد حاويات القمامة، موقعاً لتجمع الحيوانات كالقطط والكلاب، إذ أنّها جميعاً ممتلئة على الدّوام.
ويشير إلى أنّه “لو كانت البلدية تتم عملها على أكمل وجه، لما رأينا النفايات تتراكم في معظم أحياء المدينة”.