شهدت مدينة العقبة الأردنية، يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، اجتماعًا هامًا للجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بالشأن السوري. ضم الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة، وهي الأردن، السعودية، العراق، لبنان، ومصر، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية. كما حضر الاجتماع وزراء خارجية الإمارات، البحرين، وقطر، حيث تم بحث التطورات الأخيرة في سوريا والخطوات المستقبلية لمعالجة الأزمة السورية الممتدة.

بيان ختامي يحمل الأمل والتحديات

خرج الاجتماع ببيان ختامي شمل مجموعة من النقاط الجوهرية التي تؤكد الالتزام العربي بدعم الشعب السوري والسعي نحو حل سياسي شامل. أبرز النقاط التي تناولها البيان:

  1. دعم الشعب السوري: أكد البيان على الوقوف بجانب الشعب السوري وتقديم الدعم اللازم له في هذه المرحلة الحرجة، مع احترام إرادته وخياراته.
  2. عملية انتقالية جامعة: شدد البيان على ضرورة دعم عملية سياسية سورية-سورية شاملة برعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك تشكيل هيئة حكم انتقالية بتوافق سوري وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
  3. دعم دور الأمم المتحدة: دعا المجتمعون الأمين العام للأمم المتحدة إلى توفير الإمكانات اللازمة للمبعوث الأممي إلى سوريا، والعمل على إنشاء بعثة لدعم العملية الانتقالية.
  4. حوار وطني شامل: أكد البيان أهمية الحوار الوطني والتكاتف بين جميع مكونات الشعب السوري لبناء دولة حرة وآمنة.
  5. وقف العمليات العسكرية: طالب البيان بضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية وضمان حقوق الشعب السوري.
  6. مؤسسات الدولة: دعا إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وتعزيز قدرتها على حماية الشعب وتجنب الانزلاق نحو الفوضى.
  7. مكافحة الإرهاب: أكد البيان أهمية التعاون في مكافحة الإرهاب الذي يهدد أمن سوريا والمنطقة.
  8. الوحدة والسيادة: أظهر البيان تضامنًا مطلقًا مع سوريا في الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها وسيادتها.
  9. الدعم الإنساني وعودة اللاجئين: التزم الاجتماع بتوفير الدعم الإنساني وتسهيل العودة الطوعية للاجئين السوريين بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة.
  10. إدانة الانتهاكات الإسرائيلية: أدان البيان الاختراقات الإسرائيلية في المنطقة العازلة، والغارات على سوريا، مؤكدًا أن هضبة الجولان أرض سورية محتلة.
  11. التنسيق العربي والدولي: اتفق المجتمعون على التنسيق مع الدول العربية الأخرى لعقد اجتماع موسع لمجلس جامعة الدول العربية، وكذلك التواصل مع الشركاء الدوليين لدعم الجهود السياسية والإنسانية.

من المتوقع أن تقدم اللجنة الوزارية تقريرًا مفصلًا عن مخرجات اجتماع العقبة في اجتماع مقبل لمجلس جامعة الدول العربية. كما ستُجرى مشاورات مع المجتمع الدولي لتوحيد المواقف ودعم سوريا في جهودها لبناء مستقبل أفضل لشعبها. تمثل هذه الاجتماعات بارقة أمل نحو إنهاء معاناة الشعب السوري، وترسيخ السلام في المنطقة بأسرها.

دور تركيا ومواقفها في الاجتماع

ألقى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، كلمة خلال الاجتماع أكد فيها على أهمية عدم السماح للإرهاب بالاستفادة من المرحلة الانتقالية في سوريا. شدد فيدان على التزام تركيا بدعم الشعب السوري في مواجهة التحديات المقبلة، وضرورة حماية مؤسسات الدولة السورية وإجراء الإصلاحات اللازمة. كما أكد على احترام حقوق الأقليات والحفاظ على التكوين الاجتماعي الغني لسوريا.

وأشار فيدان إلى أهمية الدعم الدولي لسوريا، محذرًا من أن أي خطوات خاطئة قد تؤدي إلى موجات هجرة غير منظمة، وداعيًا إلى وقف الهجمات الإسرائيلية على سوريا فورًا. وفيما يتعلق بالأكراد السوريين، أوضح أن تركيا تفصل بين حقوق الأكراد المشروعة وبين التنظيمات الإرهابية التي تستغل الفوضى، مشيرًا إلى دعم بلاده لتمثيل الأكراد الشرعيين في دمشق.

أول تعليق من الشرع على الاعتداءات الإسرائيلية

من جهته، أدلى أحمد الشرع (الجولاني)، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، بتصريحات للصحفيين في دمشق بالتزامن مع اجتماعات العقبة، مؤكداً أن الجانب الإسرائيلي قد تجاوز اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974، وهو ما يستدعي اتخاذ خطوات عملية للرد على هذه الانتهاكات. كما أشار إلى أن شكل السلطة في سوريا سيُترك لقرارات الخبراء والقانونيين، مُؤكداً أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره. وأضاف الشرع أن الحكم القادم في سوريا سيتضمن انتخابات حرة ونزيهة، وأنه سيتم تشكيل لجان ومجالس معنية بإعادة دراسة الدستور.

كما لفت إلى أن الكفاءة والقدرة ستكون أساس التقييم في الدولة السورية القادمة، مع التأكيد على أن سوريا ستبنى على أساس التوافق بين جميع مكوناتها. وأوضح أنه توجد علاقات قوية مع المسيحيين والدروز الذين قاتلوا جنبًا إلى جنب في إدارة العمليات العسكرية. وأشار إلى أن هناك فرقًا بين المجتمع الكردي وتنظيم “بي كي كي”، الذي اعتبره جزءًا من التحديات الأمنية التي تواجهها سوريا.

وأكد أيضًا أن وزارة الدفاع السورية ستتولى حل جميع الفصائل العسكرية، ولن يكون هناك سلاح خارج سلطة الدولة السورية، وهو ما يعتبر خطوة نحو استعادة السيطرة الكاملة وتوحيد البلاد.

الخارجية الأمريكية: نتواصل مع تحرير الشام

في سياق آخر، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة والقوى الإقليمية قد اتفقت على مجموعة من المبادئ التي تأمل أن يلتزم بها القادة السوريون المؤقتون مقابل تقديم “الدعم والاعتراف” لأي حكومة سورية ستتشكل في المستقبل. وتحدث بلينكن عن استمرار التواصل مع مختلف الأطراف، بما في ذلك هيئة تحرير الشام التي تعتبرها الولايات المتحدة جماعة إرهابية، مشيرًا إلى أن هذا التواصل يأتي في إطار البحث عن حل سياسي شامل للصراع السوري.

كما تحدث عن اجتماعات مع السلطات التركية بشأن الوضع الراهن للمجموعات التابعة لتنظيم “بي كي كي/ واي بي جي” الإرهابي في سوريا، والتي تستخدم اسم “قوات سوريا الديمقراطية”، مشددًا على أهمية التنسيق في هذا السياق لتحقيق الاستقرار في المنطقة.