رحبت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح“بالتقدم الملحوظ” الذي أُحرز مؤخرا بشأن ملف الأسلحة الكيميائية السورية، إلا أنها حذرت من أن القضايا العالقة تثير قلقا بالغا لأنها تتعلق “بكميات كبيرة من عوامل الحرب الكيميائية والذخائر التي قد تكون غير معلنة”.

خلال اجتماع مجلس الأمن اليوم الجمعة، أكدت السيدة إيزومي ناكاميتسو أن التزام السلطات الجديدة في سوريا “بالتعاون الكامل والشفاف” مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمر “جدير بالثناء”، مضيفة أن الطرفين يواصلان العمل على كيفية معالجة القضايا العالقة.

في تقرير هذا الشهر، أفادت الأمانة الفنية للمنظمة أنه بالإضافة إلى المواقع الـ 26 المعلنة المتعلقة بالأسلحة الكيميائية، تشير المعلومات المتاحة لها إلى وجود أكثر من مائة موقع آخر ربما تكون متعلقة بأنشطة الأسلحة الكيميائية.

وقالت السيدة ناكاميتسو إن الأمانة الفنية تخطط لزيارة جميع هذه المواقع، مع مراعاة الاعتبارات الأمنية وغيرها من الاعتبارات ذات الصلة. وأشارت إلى أنه منذ آذار/مارس، أرسلت المنظمة فرقا إلى سوريا أربع مرات، آخرها تأجل من تموز/يوليو إلى آب/أغسطس بسبب هجوم إسرائيلي.

وفي هذا الصدد، قالت: “اضطرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى تأجيل هذا الانتشار نتيجة لغارات شنتها إسرائيل في 16 تموز/ يوليو، استهدفت عدة مواقع في دمشق، بما في ذلك مبنى أجرت فيه فرق المنظمة عدة مشاورات مع السلطات السورية المعنية، وكان يقع بالقرب المباشر من الفندق الذي استخدمته فرق المنظمة خلال مهماتها في سوريا”.

تطور مثير للقلق

وقالت ناكاميتسو إن عينات جمعتها المنظمة في أحد المواقع كشفت عن مؤشرات على وجود مواد كيميائية مُشَكِّلة للأعصاب. وأضافت أن هذه “نتيجة مثيرة للقلق، وقد أطلعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السلطات السورية على النتائج، وتعتزم معالجة هذه المسألة في عمليات الانتشار اللاحقة”.

وشددت المسؤولة الأممية على وجود “تحديات كبيرة”، لكنها أكدت أن هناك “فرصة حاسمة حاليا للحصول على توضيحات طال انتظارها بشأن المدى والنطاق الكاملين لبرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، ولتخليص البلاد من جميع الأسلحة الكيميائية”.

وحثت أعضاء مجلس الأمن على الاتحاد “وإظهار القيادة في تقديم الدعم الذي سيتطلبه هذا الجهد غير المسبوق”.

سوريا

وفي أول كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي، قال مندوب سوريا الدائم الجديد إبراهيم العلبي إن زملاءه العاملين على ملف الأسلحة الكيميائية في دمشق “هم شهود وناجون من هذا السلاح، وهم مصرون على المضي قدما في مواجهة هذا السلاح لمرة أخيرة يقضون فيها عليه نهائيا”.

وأضاف: “لربما يحتاجون الخبرة التقنية والمعدات اللازمة، ولكنهم الأكثر صبرا وشجاعة في مواجهته حتى الوصول إلى اليوم الذي تصبح فيه سوريا نقية من آثاره”.

وأكد السفير العلبي أن الجهد الحثيث الذي تبذله سوريا لصون نظام عدم الانتشار العالمي، ومنع استخدام الأسلحة الكيميائية، “هو شأن وأولوية وطنية ترتكز على إيمان راسخ في حق الضحايا في الانتصاف والعدالة ومنع التكرار وتخليد الحقيقة”.

وقال إن بلاده تدرك التحديات الكبيرة التي تواجه تقييم وتدمير البرنامج الكيميائي “لحقبة الأسد”، حيث إن النظام السابق أحاط البرنامج “بسرية تامة وبنية أمنية معقدة صممت للتحايل والتضليل والتفلت من الالتزام بالاتفاقية، مما يتطلب جهودا كبيرة وتعاونا بين كافة الجهات المعنية للحصول على المعلومات”.

كما أكد أن سلوك “الكيان الإسرائيلي” في توجيه الضربات العسكرية على الأراضي السورية يجعل من عملية الوصول للمواقع المشتبه بها أكثر تعقيدا، كما أوضحت تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وقال السفير العلبي إنه على الرغم من حجم “التركة الثقيلة التي ورثتها سوريا عن نظام الأسد، ومن سنين من القمع والاستبداد والحرب وما تحمله من ألم في ملفات معقدة كالمفقودين، ومكافحة المخدرات ومكافحة الإرهاب”، فإن سوريا ماضية في معالجة هذه الملفات، “وعلى رأسها تدمير الأسلحة الكيميائية التي استخدمت ضد شعبنا الأعزل، وهو الأمر الذي يحظى باهتمام بالغ من قبل أرفع مستويات صنع القرار في الدولة، لتحويله إلى بارقة أمل في تاريخ سوريا ومثالا دوليا يحتذى به”.