دمشق (دجلة) – أعلن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، في مقابلة حصرية مع تلفزيون سوريا، عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة في البلاد، مؤكداً أن سوريا ستعتمد نظاماً جمهورياً يضم حكومة تنفيذية وبرلماناً يعملان ضمن إطار قانوني يحقق المصلحة العامة.
ملامح نظام الحكم المقبل
أكد الشرع أن شكل نظام الحكم في سوريا سيكون منسجماً مع القيم التي تأسست عليها الدولة منذ نشأتها، مشدداً على ضرورة التعاون بين السلطات الثلاث لضمان العدالة والمساءلة. وقال: “سوريا هي جمهورية، فيها برلمان وحكومة تنفيذية، وهناك قانون وسلطات تتعاون مع بعضها لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي.”
وأضاف أن المرحلة الأولى ستشهد تشكيل برلمان مؤقت نظراً لتعذر إجراء انتخابات شاملة في ظل الظروف الراهنة، موضحاً أن نسبة كبيرة من السكان خارج البلاد، وكثير منهم لا يملك وثائق رسمية، بالإضافة إلى التحديات الأمنية التي تواجه بعض المناطق.
مرحلة انتقالية ومؤتمر الحوار الوطني
كشف الشرع عن خطط لعقد مؤتمر حوار وطني تمهيداً لصياغة إعلان دستوري يحدد مستقبل البلاد. وأوضح أن المؤتمر سيجمع أطيافاً سورية مختلفة لمناقشة قضايا محورية مثل الهوية الوطنية وشكل الدولة.
وأضاف: “لا ينبغي أن يتفرد شخص واحد بصياغة الدستور، بل يجب أن يكون ثمرة مشاورات واسعة تعكس إرادة الشعب السوري.”، مبينا ستكون هناك “لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني سوف تدعو ممثلين عن الشعب في المحافظات المختلفة للمشاركة، والبيان الختامي للمؤتمر الوطني سوف يؤسس لإعلان دستوري”’
أشار الرئيس السوري إلى أن المرحلة الانتقالية قد تستغرق بين أربع إلى خمس سنوات وصولاً إلى الانتخابات، موضحاً أن البنية التحتية تحتاج إلى إصلاحات جوهرية لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
وأضاف: “أي انتخابات تُجرى قبل إعادة تأهيل المؤسسات وإحصاء السكان ستواجه تشكيكاً في شرعيتها. المهم الآن هو بناء الأسس الصحيحة لضمان عملية ديمقراطية شفافة.”
العدالة الانتقالية والمساءلة
أكد الشرع أن العدالة الانتقالية ستوازن بين الحفاظ على السلم الأهلي وضمان حقوق الضحايا، مشدداً على أن العفو لن يشمل مرتكبي الجرائم المنظمة، مضيفا “نلاحق كبار الضباط في نظام الأسد.. ولن يكون هناك أي عفو.. وسنلاحق كل من أجرم بحق الشعب السوري، وخاصة الرؤوس الكبيرة”
كما أشار إلى التزام الحكومة بمتابعة قضايا المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة لضمان تحقيق العدالة.
معركة إسقاط النظام والتكتيكات العسكرية
قال الشرع إن سقوط النظام السابق لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تخطيط استراتيجي استمر لخمس سنوات في إدلب، حيث تم توحيد القوى الثورية وتنظيم جهودها العسكرية. وأوضح أن العمليات العسكرية استندت إلى تكتيكات تضليل متقدمة، ما أسهم في إرباك النظام السابق وتسريع انهياره.
وتحدث عن ضابط غربي اعترف له بأن عملية ردع العدوان مدرسة وتستحق أن يكونوا تلاميذاً فيها.
وأضاف: “جزء كبير من تفاصيل المعركة لم يُكشف حتى الآن، لكن نجاحها تحقق عبر اعتماد استراتيجيات ذكية وتنسيق عالٍ بين مختلف الفصائل.”
المفاوضات مع “قسد” ومستقبل شمال شرقي سوريا
أكد الشرع أن المفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لا تزال مستمرة بهدف التوصل إلى توافق يحفظ وحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن هناك تفاهماً مبدئياً على ضرورة ضبط السلاح تحت سلطة الدولة.
وأضاف: “حتى الدول التي ترعى بعض الفصائل في شمال شرقي البلاد تتفق معنا على أهمية منع الانفصال وضمان وحدة سوريا.”
بناء جيش وطني جديد
أعلن الشرع عن خطط لإعادة تشكيل جيش وطني جديد، يضم ضباطاً منشقين وخريجي الكليات الحربية التي تأسست خلال الثورة، مؤكداً أن الهدف هو بناء مؤسسة عسكرية احترافية بعيداً عن الولاءات الشخصية أو العائلية.
وأوضح أن الجيش السابق خضع لتفكك كبير ونفوذ خارجي، ما استدعى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية لتكون أكثر احترافية وقدرة على حماية البلاد، مضيفا “حين قمنا بالإعلان عن حل الجيش، كان البديل حاضراً”,
ولفت إلى إنشاء كلية حربية في إدلب وتخريج عدد كبير من الضباط، إضافة إلى وجود قوات منشقة”.
استراتيجية اقتصادية لعشر سنوات
أكد الرئيس السوري أن حكومته وضعت خطة اقتصادية تمتد لعشر سنوات، تشمل مراحل إسعافية ومتوسطة المدى وبعيدة المدى، بهدف إعادة بناء الاقتصاد الوطني، مضيفا “سنعيد هيكلة الاقتصاد في سوريا ونتخلص من الفساد الذي أثر عليه”.
وقال إن الفريق الاقتصادي للحكومة يضم خبراء من داخل سوريا وخارجها، ويعمل على تحليل الواقع الاقتصادي لتحديد أولويات الإصلاح، مشدداً على أهمية جذب الاستثمارات وخلق بيئة اقتصادية مستقرة.
وأشار إلى أن “سوريا تمر بنكبة كبيرة، لكنها في ذات الوقت فرصة استثمارية هائلة نظراً لحاجة البلاد إلى إعادة الإعمار.” وأوضح أن التعاون مع دول زارت سوريا مؤخراً يعكس اهتماماً دولياً بالفرص الاستثمارية المتاحة.
وأضاف أن الدولة لن تنافس المستثمرين في إدارة المؤسسات، بل ستعمل على تمكين القطاع الخاص من لعب دور محوري في إعادة البناء، مبينا أن “النظام الاشتراكي المُتبع به الكثير من السلبيات التي أثرت في السوريين”
شدد الرئيس السوري على أن الأولوية في المرحلة القادمة ستكون لتعزيز الاستقرار، وبناء مؤسسات قوية، وضمان سيادة القانون، مؤكداً أن “السلم الأهلي ليس رفاهية بل ضرورة وطنية”. وأضاف: “اليوم نحن أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا وفق أسس حديثة، ولن نسمح بعودة أخطاء الماضي.”