دمشق (دجلة) – أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الجمعة عن تشكيل مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا وتعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسة الدينية بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق بيان صادر عن الرئاسة السورية.
وقال الشرع في كلمته بهذه المناسبة إن “سوريا لطالما كانت منبراً علمياً وحضارياً، إلا أن العقود الماضية شهدت تشويهاً ممنهجاً لدور الفتوى وتوظيفها لأغراض سياسية”، مضيفاً أن إعادة هذا المنصب يأتي في إطار بناء دولة جديدة قائمة على العدل والمؤسسات.
وأوضح الرئيس السوري أن مجلس الإفتاء الأعلى سيكون المرجعية الدينية الأساسية في البلاد، مشيراً إلى أن “الفتوى مسؤولية جماعية وليست فردية، وينبغي أن تصدر بعد بحث وتحقيق معمق، بعيداً عن التوظيف السياسي الذي شهده هذا المنصب خلال العقود الماضية”.
بدوره، أكد المفتي العام للجمهورية العربية السورية، الشيخ أسامة الرفاعي أن مسؤولية الفتوى تتعلق بالدين الحاكم لشؤون الحياة، وقال في كلمة ألقاها خلال فعالية الإعلان عن مجلس الإفتاء الأعلى: إن “الأمة بحاجة إلى مرجعية دينية مستقلة، تستند إلى الأحكام الشرعية وتصدر الفتاوى بناءً على البحث والتدقيق”، مؤكداً أن المجلس الجديد “سيسهم في جمع كلمة العلماء وتوحيد الموقف الشرعي في القضايا العامة”.
وأضاف المفتي العام أن الفتوى تنقسم إلى نوعين: الأول فتاوى فردية، وهي المعنية بالمسائل الخاصة التي يستفسر عنها الأفراد، والثاني الفتاوى العامة المتعلقة بالنوازل والقضايا الكبرى، مشدداً على أن النوع الثاني “يتطلب اجتهاداً جماعياً من العلماء لتقديم رأي شرعي موحد مبني على الأدلة الشرعية”.
كما أشار إلى أن إعادة منصب المفتي العام بعد إلغائه في عهد النظام السابق تمثل خطوة مهمة في إصلاح المؤسسات الدينية، مشيداً بجهود العلماء في تحمل هذه المسؤولية العظيمة، وداعياً الشعب السوري إلى الرجوع إلى أهل العلم في المسائل الشرعية لضمان الالتزام بأحكام الدين الصحيحة.
ويضم المجلس عدداً من كبار العلماء السوريين، من بينهم عبد الفتاح البزم، راتب النابلسي، وهبي سليمان، مظهر الويس، عبد الرحيم عطون، إبراهيم الحسون، سهيل جنيد، محمد شكري، أنس عيروط، إبراهيم شاشو، ونعيم العرقسوسي، في حين كان يشغل المنصب في ظل النظام السابق على امتداد 17 عاما أحمد بدر الدين حسون (76 عاما).
وكان بشار الأسد قد أصدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 قراراً ألغى بموجبه منصب المفتي العام للجمهورية، ونقل صلاحياته إلى المجلس العلمي الفقهي التابع لوزارة الأوقاف، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية، وسط اتهامات للنظام السوري بمحاولة إعادة تشكيل البنية الدينية بما يتماشى مع توجهاته السياسية.
وقال الشرع إن مجلس الإفتاء الأعلى سيعمل على ضبط الخطاب الديني وتعزيز الاعتدال، مضيفاً أن “إعادة بناء سوريا لا تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل تشمل أيضاً إعادة المؤسسات الدينية إلى دورها الطبيعي بعيداً عن التوظيف السلطوي”.