قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن سقوط النظام السابق في ديسمبر فتح “فرصة تاريخية” أمام بلاده للانطلاق في إعادة الإعمار وبناء علاقات دولية متوازنة، مؤكدًا أن سوريا لن تقبل أي محاولات لتقسيم أراضيها وأنها ماضية في جذب الاستثمارات بدلاً من الاعتماد على المساعدات أو القروض المسيسة.

الاقتصاد وإعادة الإعمار

أوضح الشرع أن سوريا شهدت خلال الأشهر التسعة الماضية إدخال نحو 1150 خط إنتاج جديد وإعادة تشغيل مصانع متوقفة، مشيرًا إلى أن “صندوق التنمية” يركز على إعادة بناء البنية التحتية للقرى والبلدات المدمرة لمعالجة قضية المخيمات والنازحين.

وقال الرئيس إن بلاده “لا تريد أن تعيش على المساعدات أو القروض المسيسة”، وإن البديل هو فتح البلاد أمام الاستثمار الخارجي. وأضاف أن الاستثمارات الأجنبية “توفر فرص عمل وقطعًا أجنبيًا وتساهم في إصلاح البنية التحتية”، معتبرًا أن حركة المال داخل سوريا ستنعكس إيجابًا على جميع القطاعات.

وأكد أن الولايات المتحدة أبدت “رغبة كبيرة في الاستثمار داخل سوريا”، مشيرًا إلى أن موقع البلاد الجغرافي يجعلها “ممرًا طبيعيًا للتجارة بين الشرق والغرب” في وقت يواجه فيه العالم تحديات تتعلق بأمن سلاسل التوريد وإمدادات الطاقة.


إسرائيل والحدود الجنوبية

قال الشرع إن بعض السياسات الإسرائيلية “أظهرت حزنًا على سقوط النظام السابق”، مشيرًا إلى أن تل أبيب “كانت تخطط لتقسيم سوريا وتحويلها إلى ساحة صراع مع إيران”. وأضاف أن إسرائيل تفاجأت من “خروج سوريا من المعادلة القديمة بعد التحرير في 8 ديسمبر”.

وأكد الرئيس أن دمشق التزمت منذ اللحظة الأولى باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وراسلت الأمم المتحدة لعودة قوات الأندوف، مضيفًا أن مفاوضات أمنية جارية “حتى تعود إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل 8 ديسمبر”.

وقال الشرع إن سوريا “لا تريد القلق أو التوتر مع أي دولة”، وإن الكرة باتت “في ملعب من يسعى لإثارة الفتن والقلاقل”.


محاولات التقسيم في قسد والسويداء

شدد الرئيس على أن سوريا “لا تقبل القسمة”، محذرًا من أن أي نزعة انفصالية في شمال شرق البلاد ستضر أيضًا بالعراق وتركيا. وقال إن العرب يمثلون أكثر من 70% من سكان المنطقة، وإن “قسد لا تمثل كل المكون الكردي”.

وحول التوترات الأخيرة في السويداء بين بعض العشائر والدرزيّة، قال الشرع إن أخطاء وقعت من جميع الأطراف، مشيرًا إلى تشكيل لجان تقصي حقائق لمحاسبة المسؤولين. وأضاف أن “جرح السويداء يحتاج وقتًا ليلتئم”، مؤكدًا أن مصلحتها مرتبطة بدمشق.

وكشف الرئيس أن المفاوضات مع “قسد” تسير ببطء، لكن اتفاقًا معهم يمتد حتى نهاية العام، وقال: “سوريا لن تتنازل عن ذرة تراب واحدة، وهذا قسم أقسمناه أمام الناس”.


السياسة الداخلية

قال الشرع إن سوريا دخلت بعد التحرير في مراحل متتالية: “ملء الفراغ الرئاسي، ثم المؤتمر الوطني الجامع، ثم تشكيل الحكومة فالانتخابات البرلمانية”. وأضاف أن المرحلة الحالية مؤقتة بطبيعتها، وأن صياغة دستور جديد ستأتي بعد الانتخابات.

وأكد أن “سقف الحرية واسع في سوريا”، وأن وجود أصوات ناقدة “حالة صحية”، مضيفًا: “لسنا في زمن يقرر فيه الرئيس كل شيء”. كما شدد على أن التعددية السياسية ستكون “المشهد الطبيعي الذي يليق بسوريا”.