وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى البيت الأبيض يوم الإثنين في زيارة رسمية استُقبل خلالها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية السورية ووكالات أنباء أمريكية. الزيارة تمثّل الأولى لرئيس سوري إلى مقر الرئاسة الأمريكية منذ استقلال البلاد عام 1946، وتأتي في خضم تغيّر دراماتيكي في وضع سورية على الساحة الدولية.
عقد الرئيسان جلسة مباحثات مغلقة في المكتب البيضاوي استمرت نحو ساعتين، حضرها من الجانب السوري وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ومن الجانب الأمريكي، وفق بيانات متفرقة، مسؤولون رفيعو المستوى. ولم يصدر البيت الأبيض فورًا بيانًا تفصيليًا بمخرجات اللقاء، فيما نقلت وكالات عن مسؤولين أمريكيين أن الموضوعات شملت العلاقات الثنائية، التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وسبل دعم إعادة الإعمار والتنمية في سورية.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن المباحثات تناولت “سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية” وقضايا إقليمية ودولية “ذات اهتمام مشترك”. وأضافت الوكالات أن الشرع التقى أيضًا أبناء الجالية السورية في واشنطن مساء الأحد، وأن تجمعًا من مؤيديه نُظِم أمام مبنى البيت الأبيض استقبلوه عقب مغادرته.
جاءت الزيارة بعد خطوات عملية اتخذتها إدارة ترامب والجهات الدولية: أعلنت وزارتا الخارجية والتجارة والخزانة الأمريكيتان، بحسب بيان مشترك نقله الإعلام السوري والأمريكي، تعليق العمل ببعض بنود قانون “قيصر” للسماح بنقل سلع مدنية وتقنيات أمريكية المنشأ إلى سورية دون الحاجة إلى ترخيص استثنائي. كما صوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأيام السابقة على إجراءات أدّت إلى رفع عقوبات مرتبطة بمناصب قيادية سابقة في النظام السابق، وفق ما نقلته مصادر دبلوماسية.
وتحمل هذه الإجراءات بعدًا عمليًا: قالت مصادر أمريكية مطّلعة لوكالات إن واشنطن تسعى لإشراك دمشق في التحالف الدولي ضد جماعة الدولة الإسلامية (داعش)، ما يتيح تعاونًا أقرب مع القوات السورية الجديدة والقوات الكُردية-المدعومة أمريكيًا في شمال شرق البلاد، على الرغم من التعقيدات الميدانية والسياسية الراهنة.
لكن خلفية الشرع أثارت ملاحظات بارزة في التغطية الغربية: نقلت تقارير أنه كان له ارتباطات قديمة مع عناصر متشددة، وأن واشنطن سبق وأن عرضت مكافأة مالية كبيرة للقبض على قيادات مرتبطة بهذه الشبكات قبل التحولات الأخيرة. ونقلت تعليقات للرئيس ترامب في لقاء سابق عن شرع وصفته بأنه “قوي” و”قاتل” — كلمات استخدمتها وسائل الإعلام أثناء تهيئة الرأي العام لتقارب دبلوماسي مفاجئ.
المسألة التشريعية تبقى محور جدل داخلي في الولايات المتحدة: فبينما علّق الرئيس تنفيذ بعض قيود قانون قيصر، فإن الإلغاء الدائم للتشريعات يتطلّب موافقة الكونغرس. انقسم المشرّعون بين من يدعو لإلغاء كامل دون شروط لفتح الباب أمام استثمارات إعادة الإعمار، ومن يطالب بشروط ومراجعات دورية لضمان محاسبة انتهاكات حقوق الإنسان. وقال ناشطون ومعنيون بالشأن السوري إن استمرار قيودٍ مشروطة قد يخلق “ظلًا معلقًا” يعوق استثمارات كبرى ويطيل أمد المأزق الاقتصادي في سورية.
محليًا وإقليميًا، تُقرأ الزيارة على أنها نقطة تحول محتملة في توازنات النفوذ: تقارب واشنطن مع دمشق قد يؤثر على حسابات إسرائيل وتركيا وإيران، وعلى علاقات القوى غير الحكومية الفاعلة داخل سورية، بما في ذلك القوى الكردية والمسلّحة. دبلوماسيون في واشنطن ووُسُط إقليمية وصفت التحرك بأنه “محسوب” لكنه محفوف بمخاطر سياسية وقانونية ودبلوماسية.
