في مناطق الجزيرة السورية، تعبر الجدات والأمهات عن غضبهن من الطفل المشاغب بوصفه بـ “الموذي”، بتخفيف الهمزة على الواو! وكلمة “مؤذي” تأتي من الأذى، والموذي هو من يؤذي نفسه أو الآخرين أو يشمل الأذى الاثنين معًا.

والمؤذي غالبًا ما يكون عدوًا أو شريرًا بالأصل، لكن على لسان الجدات يستخدم لوصف الولد شديد المشاغبة، ذاك الذي يسرق البيض صباحًا، ويكسر ساق الدجاجة ظهرًا، ويعذب الجراء عصرًا، ثم يسرق ثمار البستان مساءً.

وجرى تقديم شخصية “الموذي” دراميًا في مسلسل كوميدي كويتي، أنتج وعرض عام 1999، وحمل اسم “الموذي”. يتناول المسلسل قصة “أبو مِتْيَح”، الرجل البخيل الذي يؤذي نفسه ويجلب المشاكل له ولأبنائه ولأخته، ثم يتزوج الخادمة. مثل الدور غانم الصالح، بينما أدى عبد الرحمن العقل دور ابنه (مشعل) الذي يسير على خطى والده حتى يصل إلى السجن. وينتهي الأمر بالأب بفقدان العقل بعد اكتشافه هروب الخادمة بالأموال التي كان يخفيها.

في بعض الحالات، قد يصدر الأذى من قريب أو مقرب، كما هو حال “أبو متيح”، سواء كان يعلم أو لا يعلم بذلك، وهذا النوع من الأذى هو أشد وقعا، فالضحية عادة ما يكون مستعدًا نفسيًا على الأقل لمواجهة العدو أو الأشرار لعلمه المسبق بنواياهم السيئة. أما الأذى من القريب أو الصديق، فهو أكثر إيلامًا ووجعًا لأنه ببساطة يكون قد آمن له حتى يؤخذ على حين غرة.

ربما تنقل الصورة، فيكون الابن “الموذي” لعائلته كمثل الأسد الذي رباه صاحبه منذ صغره، أحبه وأطعمه وسقاه، وعندما كبر الأسد انقض على صاحبه فقتله منطلقًا من الطبع والغريزة.

وهكذا هم بعض البشر، قد يؤذون لأن الأذى متأصل في طبعهم وسلوكهم وكأنه متوارث، فيفعلون بمن يقع تحت ضرسهم الأفاعيل، غير مبالين بالروابط والعلاقات، بل يتصرفون بما تعلموه وتربوا عليه!

ورغم النهاية الدرامية لـ “بو متيح”، يبقى “الموذي” أو “المواذي” – كما كانت جداتنا تجمعها – يدخل المشكلة ويسقط على رجليه مثل القط، ويبقى في مأمن من الأخطار التي يجلبها، في حين يكون الشخص في محيطه الضيق هو الخاسر الأكبر والمتألم والمتأذي.


عبدالعزيز التركي