قال مظلوم عبدي، القائد العام للقوات الكردية (قسد)، إن المفاوضات الجارية مع الحكومة السورية بشأن دمج القوات والمؤسسات المدنية في إطار الدولة السورية الجديدة تشهد “تباطؤًا” في بعض مراحلها، لكنها لم تتوقف، مؤكدًا أن اتفاق المبادئ الذي تم التوصل إليه قبل أربعة أشهر مع الرئيس السوري أحمد الشرع لا يزال قائماً، وأن قسد ملتزمة بوحدة سوريا وجيشها.

وفي مقابلة حصرية مع قناة “الحدث” السعودية، كشف عبدي أن المفاوضات تعثرت بعد تأجيل الاجتماع المقرر في باريس في 25 يوليو، موضحًا أن التأجيل تم بطلب من دمشق بسبب “أحداث السويداء”، بحسب ما أبلغتهم به الجهات الراعية. وأشار إلى أن فرنسا والولايات المتحدة أعربتا عن أسفهما للتأجيل، وأكدتا دعمهما لاستئناف المحادثات قريبًا، دون تحديد موعد دقيق.

وقال عبدي إن قنوات التواصل بين “قسد” ودمشق مفتوحة يوميًا، وإن المحادثات التقنية حول آلية تطبيق الاتفاق لم تبدأ بشكل مفصل بعد، رغم الاتفاق على المبادئ الأساسية التي تشمل وحدة الأراضي السورية، وجيش وطني موحد، وإنهاء حالة الانقسام بعد أكثر من 14 عامًا من النزاع.

دمج المؤسسات

وأوضح عبدي أن الخلافات لا تتعلق بمبدأ الدمج، بل بآلية تطبيقه، مضيفًا أن الجانب الكردي يطالب بضمانات دستورية تضمن حقوق المقاتلين والإداريين في قسد والمؤسسات المدنية التي نشأت في مناطق الإدارة الذاتية منذ أكثر من عقد. وأضاف: “لدينا نحو 100 ألف عنصر بين قوات قسد والأمن الداخلي، ولنا تجارب عسكرية مهمة في محاربة داعش. نريد أن يكون لنا دور في بناء جيش وطني حقيقي”.

ونفى عبدي ما تردد عن مطالبة قسد بكتلة موحدة داخل الجيش السوري، قائلًا: “لم نطرح هذا رسميًا، ولم تُناقش هذه التفاصيل مع وزارة الدفاع السورية بعد. هذا الملف لم يفتح بعد بجدية”.

وبخصوص عودة مؤسسات الدولة الرسمية إلى مناطق الإدارة الذاتية، أكد عبدي أن قسد طالبت خلال اللقاءات في دمشق بإعادة فتح المحاكم، مراكز السجل المدني، الجوازات والمعابر، في الرقة والحسكة ودير الزور. وقال: “لا مشكلة من جهتنا، والكرة في ملعب دمشق. هناك استعداد مبدئي، وننتظر البدء بالإجراءات”.

كما أشار إلى نجاح دمشق مؤخراً بإجراء امتحانات الشهادة الثانوية لأول مرة منذ سنوات في مناطق الإدارة الذاتية، واعتبر ذلك “مؤشرًا على تقدم عملي”.

اللامركزية والمركزية

وفي معرض رده على الاتهامات بأن قسد تسعى لتكريس الانفصال عبر نموذج حكم لامركزي، قال عبدي إن الإدارة الذاتية ترى أن اللامركزية هي “الحل الأمثل” لسوريا بعد الحرب الأهلية، مشيرًا إلى أن الحكم المحلي على مستوى المحافظات، مع احتفاظ الدولة بمهام السيادة، هو الخيار المطروح.

وأوضح أن اللامركزية لا تعني التقسيم، مضيفًا: “نتحدث عن لا مركزية إدارية في التعليم والصحة والاقتصاد، بينما تبقى المؤسسة العسكرية والقرارات السيادية مركزية”.

وردًا على تقارير إعلامية سورية تتحدث عن انقسامات داخل قسد بشأن التوجه نحو دمشق، نفى عبدي وجود أي انقسامات، مشيرًا إلى وجود قلق مشروع لدى بعض المقاتلين والإداريين حول مستقبلهم الوظيفي والعسكري في حال الدمج، لكنه أكد وجود توافق عام على المبادئ، مشددًا: “نحن نطالب بضمانات جدية تحفظ الحقوق”.

العشائر تدعم الاتفاق… وتنتظر الحماية

وحول موقف العشائر العربية في شرق الفرات من الاتفاق، أكد عبدي أنه عقد اجتماعات مكثفة في دير الزور والرقة مع وجهاء العشائر، الذين أبدوا دعمهم لاتفاق 10 آذار، وطالبوا بضمان حقوق أبنائهم العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية والإدارية التابعة للإدارة الذاتية منذ سنوات، وعدم المساس بمكتسباتهم في حال الدمج مع الدولة.

الدور الفرنسي

وحول دور الوسطاء الدوليين، قال عبدي إن فرنسا تلعب دورًا فاعلًا وإيجابيًا في المفاوضات، بينما خفت حماسة الولايات المتحدة التي باتت “أقرب لرؤية دمشق”. وأكد أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا هي الدول الراعية للمحادثات حاليًا، لكنه دعا إلى إشراك السعودية رسميًا في العملية، مشيدًا بـ”دورها الكبير والمشكور في دعم دمشق ورفع العقوبات عنها”.

التسوية السياسية

وحول التسريبات بشأن عرض مناصب رسمية عليه، نفى عبدي تلقي أي عرض رسمي سياسي أو عسكري حتى الآن، لكنه قال إنه يرحب بلعب دور في الدولة الجديدة إذا كان ذلك مفيدًا للسوريين، دون الخوض في التفاصيل.

كما أكد أن الخيار الوحيد المطروح أمام قسد هو “التسوية السياسية عبر الحوار”، مشددًا على التزام الطرفين بوقف إطلاق النار منذ اتفاق العاشر من آذار، وسعيهم لتحويل الهدنة إلى “سلام شامل” في الجزيرة السورية.

وأشار إلى وجود قبول من حيث المبدأ لدى دمشق بفكرة الحقوق الثقافية واللغة الكردية.

جدول زمني للتطبيق قبل نهاية العام

أوضح عبدي أن اتفاق العاشر من آذار ينص على السعي لتطبيق كامل الاتفاق قبل نهاية عام 2025، مؤكدًا أن العمل جارٍ حاليًا لتشكيل لجان وتحديد خطوات عملية على الأرض تشمل الملفين العسكري والإداري.

وقال في ختام المقابلة: “نحن متفائلون رغم كل شيء. جيش واحد، حكومة واحدة، دولة واحدة… هذا هو شعار المرحلة، ونحن ملتزمون به بالكامل”.