أعلنت السلطات السورية استعادة السيطرة على معظم المناطق التي شهدت اضطرابات أمنية في الساحل السوري أوقعت مئات الضحايا من قوات الأمن والمدنيين، مؤكدة بدء إعادة المدنيين تدريجياً إلى منازلهم بعد استقرار الأوضاع. وأوضحت وزارة الدفاع، في بيان رسمي، أن الإجراءات الأخيرة تهدف إلى “ضبط المخالفات ومنع التجاوزات”، مشيرة إلى أن إغلاق بعض الطرق المؤدية إلى الساحل يأتي في إطار تعزيز الأمن وضمان عودة الحياة الطبيعية.
وفي سياق متصل، أكدت إدارة الأمن العام أنها وجهت وحداتها للانتشار في مدن جبلة وطرطوس واللاذقية وما حولها، حيث تمكنت القوات من استعادة كميات ضخمة من المسروقات واعتقال عدد من المتورطين في عمليات النهب التي رافقت التوترات الأخيرة. ودعا مسؤولون أمنيون السكان إلى الإبلاغ الفوري عن أي حوادث سرقة أو اعتداء، مشددين على أن استعادة الأمن في هذه المناطق تمثل أولوية قصوى للحكومة.
من جانبه، أكد الناطق باسم وزارة الدفاع العقيد حسن عبدالغني أن العملية العسكرية “مستمرة وفق الخطة المحددة”، موضحاً أنه تم تطويق المناطق التي كانت تشهد اضطرابات ومحاصرة المطلوبين. وأضاف أن أي محاولة لمقاومة القوات الحكومية ستُقابل برد حاسم، محذراً من “العواقب الوخيمة للغدر”، في إشارة إلى الأفراد والجماعات التي لم تسلم أسلحتها بعد.
وفي إطار المساعي لضمان الاستقرار، أعلنت وزارة الداخلية التوصل إلى اتفاق مع وجهاء منطقة وادي العيون، يقضي بدخول قوات الأمن إلى المنطقة وتسليم المطلوبين طوعياً، مع تعهد الوجهاء بتسليم الأسلحة المتبقية. كما باشرت السلطات بعمليات تمشيط في مدينة القرداحة والمناطق المحيطة بها، وسط تأكيدات رسمية على تقديم جميع المتورطين في التجاوزات والانتهاكات إلى محاكمات عادلة.
وأكدت وكالة “سانا” الرسمية وصول وفد من إدارة منطقة جبلة بريف اللاذقية وإدارة الأمن العام إلى مطار حميميم لطمأنة الأهالي الموجودين فيه وإعادتهم لقراهم.
وكانت مقاطع متداولة، أظهرت تجمعاً لأهالي ريف جبلة أمام القاعدة الروسية في مطار حميميم، مطالبين بالحماية.
حصيلة الضحايا خلال 48 ساعة من المواجهات
وفقًا لمدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى خلال 48 ساعة الماضية 1018 شخصًا، موزعين على النحو التالي:
- 745 مدنياً من أهالي مدن وبلدات الساحل.
- 125 من عناصر الأمن العام السوري ووزارة الدفاع والقوات الرديفة.
- 148 مسلحاً من فلول النظام السابق والمتمردين والموالين لهم.
وقالت الأمم المتحدة إنها تتابع عن كثب التطورات الميدانية في المحافظات الساحلية والوسطى بسوريا، حيث تصاعدت حدة الأعمال العدائية منذ يوم الخميس، متسببة في سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، فضلًا عن نزوح الآلاف.
وأكد بيان مشترك صادر عن آدم عبد المولى، المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا، ورامناتن بالكرشنن، المنسق الإقليمي للأزمة السورية، أن التقارير تشير إلى استخدام الأسلحة الثقيلة في مناطق طرطوس، اللاذقية، حمص، وحماة، ما أدى إلى أضرار واسعة في البنية التحتية المدنية.
أكدت الأمم المتحدة أن الوضع لا يزال متقلبًا للغاية، مع تقارير عن أعداد كبيرة من القتلى والمصابين، من بينهم موظف في منظمة الأونروا، الذي قُتل على جسر جبلة يوم الخميس. كما تعرضت المستشفيات والبنية التحتية لأضرار جسيمة، إذ خرجت ستة مستشفيات وعدد من سيارات الإسعاف عن الخدمة، إضافةً إلى انقطاع واسع للكهرباء في محافظة اللاذقية.
جراء التصعيد العسكري، علّقت جميع المهام الإنسانية داخل المناطق الساحلية، ونُصح عمال الإغاثة بالبقاء في منازلهم. كما أدى فرض حظر التجول والقيود على الحركة إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية. ودعت الأمم المتحدة إلى وقف الأعمال العدائية فورًا، وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ضبط الأمن ومحاربة السرقة
أعلنت إدارة الأمن العام مصادرة أكثر من 200 آلية مسروقة في مدينة جبلة ومحيطها، حيث استغل بعض اللصوص الفوضى الناجمة عن العمليات العسكرية. كما صادرت قوات الأمن كميات من الأسلحة والذخائر في مدينة اللاذقية.
كما أكدت وزارة الدفاع بالتنسيق مع إدارة الأمن العام إغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل لضبط الأمن ومنع التجاوزات..
أكد المقدم مصطفى كنيفاتي، مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية، التزامه بحماية السلم الأهلي وضمان أمن جميع المواطنين. كما شدد على ملاحقة فلول النظام السابق، وعدم السماح بأي أعمال انتقامية، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المتورطين في الجرائم والسرقات.
وأضاف كنيفاتي أن الأجهزة الأمنية ستتعامل بحزم مع أي محاولات لزعزعة الاستقرار أو استهداف مكونات المجتمع السوري. كما دعا المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الدعوات التحريضية، وترك الأمور للأجهزة المختصة.
أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بأن دورية تابعة لإدارة الأمن العام تعرضت لكمين بالقرب من مدينة الحفة في ريف اللاذقية، ما أدى إلى مقتل عنصر وإصابة اثنين آخرين.
وفي تصريح إعلامي قال محمد عثمان، محافظ اللاذقية: سنقدم كل الذين قاموا بتجاوزات خلال العملية العسكرية إلى محاكمات عادلة، مشيرا إلى عمليات لتوقيف لصوص قاموا بسرقة ممتلكات خاصة خلال الأحداث الأخيرة.
ولفت إلى انتشار أعداد كبيرة لفلول النظام تفوق 4 آلاف شخص في طرطوس واللاذقية.
وأكد المسؤول الأمني بمنطقة القرداحة ساجد لله الديك في لقاء مع قناة الجزيرة أن قوات الأمن ألفت القبض على شخصيات هامة من رموز النظام البائد في منطقة الساحل السوري و في مدينة جبلة.
ولفت إلى أن المهمة الأساسية لقوات الأمن هي الحفاظ على النظام والأمن في المنطقة، وضمان استقرار العيش المشترك بين جميع فئات الشعب.
كما أكد المكتب الإعلامي في وزارة الكهرباء أن محافظة اللاذقية شهدت انقطاعًا عامًا للكهرباء بسبب تضرر خط التوتر العالي 230 ك.ف، نتيجة العمليات العسكرية. وأوضح أن الفرق المختصة تعمل على تقييم الأضرار والبدء في عمليات الإصلاح، رغم التحديات الأمنية.