باريس (دجلة) – كشف فريد ندى المذهان، المعروف إعلاميًا بـ”قيصر”، عن هويته لأول مرة في مقابلة مع قناة الجزيرة، مسلطًا الضوء على دوره في توثيق الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بحق المعتقلين.
المذهان، الذي شغل منصب رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، أكد أن أوامر تصوير الجثث وتوثيق عمليات القتل كانت تصدر من أعلى هرم السلطة، مشيرًا إلى أن قادة الأجهزة الأمنية استخدموا صور الضحايا كوسيلة لإثبات ولائهم للنظام. وأوضح أن أولى عمليات التصوير بدأت في مشرحة مستشفى تشرين العسكري في مارس/آذار 2011، حيث تم توثيق جثث متظاهرين من درعا.
مع ارتفاع أعداد القتلى، تم تخصيص مرافق إضافية لتجميع وتصوير الجثث، من بينها مشرحة مستشفى حرستا العسكري ومرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري. ووفقًا للمذهان، ارتفع عدد الجثث المصورة يوميًا من 10 إلى 15 في بداية اندلاع الثورة السورية إلى أكثر من 50 لاحقًا، مع إسناد جميع الوفيات إلى “توقف القلب والتنفس” في السجلات الرسمية.
وعن عملية تهريب الصور، أوضح المذهان أنه كان يخفي وسائط التخزين داخل ثيابه وربطة الخبز وحتى على جسده، لتجنب التفتيش على الحواجز الأمنية. واستمر في نقل الصور سرًا من دمشق إلى محل إقامته في مدينة التل على مدار ثلاث سنوات، مستخدمًا هوية عسكرية رسمية وأخرى مدنية مزورة.
بعد انشقاقه، غادر المذهان سوريا عبر الأردن إلى قطر، حيث تولى مكتب محاماة تجهيز ملفه القانوني لملاحقة النظام السوري. وفي الوقت الحالي، يقيم في فرنسا تحت إجراءات أمنية مشددة. وقد دعا الحكومة السورية الجديدة إلى إنشاء محاكم وطنية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، كما طالب الإدارة الأمريكية بإلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات المفروضة على الشعب السوري.
يُذكر أن صور “قيصر”، التي تم تسريبها بين عامي 2011 و2013، تضمنت نحو 55 ألف صورة توثق تعذيب وقتل ما لا يقل عن 11 ألف معتقل، مما أثار إدانات دولية واسعة وأدى إلى فرض عقوبات أمريكية على النظام السوري، من بينها قانون “قيصر” الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020.