في مشهد يعكس تحولات المشهد السوري بعد الإطاحة بنظام الأسد، انعقد اليوم مؤتمر الحوار الوطني السوري في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، بحضور طيف واسع من القوى السياسية والمجتمعية. المؤتمر، الذي افتتحه رئيس الجمهورية أحمد الشرع، خرج بـ 18 مخرجاً رئيسياً، تركزت على قضايا الوحدة الوطنية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحقيق العدالة الانتقالية، وصياغة دستور جديد.

إعلان دستوري والسيادة والوحدة

من بين النقاط البارزة التي أقرها المؤتمر، كان الإسراع بإعلان دستوري مؤقت لسد الفراغ الدستوري، إلى جانب تشكيل مجلس تشريعي مؤقت يضمن تمثيلاً عادلاً للقوى السياسية. كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة لصياغة دستور دائم، يهدف إلى تحقيق التوازن بين السلطات وترسيخ مبدأ دولة القانون.

شدد البيان الختامي على رفض أي شكل من أشكال التجزئة أو التقسيم، مع إدانة التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، ورفض التصريحات “الاستفزازية” الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، في وقت أكد فيه المؤتمرون ضرورة مواصلة الجهود لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.

كما كان ملف العدالة الانتقالية حاضراً بقوة، إذ نص البيان على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات خلال الحقبة الماضية، إلى جانب إصلاح القضاء وإعادة هيكلة المؤسسات العامة، مع التأكيد على مكافحة الفساد وإطلاق عملية التحول الرقمي.

الرسائل السياسية والمواقف الدولية

في كلمته الافتتاحية، قال وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إن سوريا واجهت حربًا ممنهجة خلال السنوات الماضية، لكنها تمكنت من الصمود والانفتاح الدبلوماسي رغم الضغوط الدولية، مشددًا على أن دمشق لن تقبل بأي مساس بسيادتها وهويتها، مع الإشارة إلى أهمية بناء علاقات دولية متوازنة.

أما الرئيس أحمد الشرع، فقد وصف الثورة السورية بأنها “فتح عظيم”، معتبرًا أن سوريا استعادت مكانتها بعد أن “سُرقت لغفلة من أبنائها”.

ودعا الشرع إلى الوحدة الوطنية والعمل المشترك لإعادة بناء البلاد، مطالبًا السوريين بـ الصبر وتحمل المسؤولية الوطنية، مضيفًا أن تحقيق الاستقرار يتطلب مواجهة كل من يسعى لزعزعة الأمن أو تحويل نكبات سوريا إلى فرص استثمارية.

كما أشار الرئيس السوري إلى أن تاريخ سوريا شهد تحولات كبرى على مدى القرن الماضي، من مرحلة الاستعمار إلى الوحدة، مرورًا بحكم حزب البعث والأسدين، مؤكدًا أن احتكار السلاح بيد الدولة ليس رفاهية بل ضرورة لضمان وحدة البلاد.

وختم الشرع خطابه بدعوة السوريين إلى التكاتف والعمل معًا لمداواة جراح الوطن، مؤكدًا ثقته في قدرة الشعب على حماية سوريا وبنائها من جديد.

ورغم الأجواء التوافقية التي حاول المؤتمر ترسيخها، إلا أن تحديات كبيرة لا تزال تواجه سوريا، من ملف إعادة الإعمار إلى عودة اللاجئين وتحقيق المصالحة الوطنية، ويتمنى السوريون أن تكون خطوة فعلية نحو إعادة بناء الدولة السورية.