دمشق (دجلة) – بعد مرور أسبوع على سقوط نظام الأسد وأربعة أيام على تولي حكومة تصريف الأعمال السورية مهامها، صرّح رئيس الحكومة محمد البشير بأن المرحلة الراهنة مليئة بالتحديات، مشيرًا إلى أن الأولوية تتمثل في إعادة تأهيل المؤسسات الخدمية التي تعاني من التدهور.
وقال البشير في مقابلة مع تلفزيون العربي القطري: “نحن أمام مؤسسات متهالكة لا تقدم سوى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والخبز. الواقع الثقيل يستدعي اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق استقرار خدمي واقتصادي.”
التحديات الخدمية
وأوضح البشير أن خدمات الكهرباء والماء متقطعة بشكل حاد، إذ يحصل المواطنون على الكهرباء ساعتين فقط يوميًا في معظم المناطق، مشيرًا إلى أن البنية التحتية تحتاج إلى جهود كبيرة لإعادتها للعمل. وأضاف: “رواتب الموظفين لا تتجاوز 20 إلى 25 دولارًا شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية احتياجات يومين.”
وأشار إلى أن حكومته بدأت بالاعتماد على خبراتها السابقة في إدارة الخدمات في شمال غرب سوريا، مع التركيز على استمرارية الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوقود والماء، مؤكدًا أن المرحلة الحالية هي مرحلة إسعافية للحفاظ على هذه الخدمات وتطويرها تدريجيًا.
وأكد البشير أن حكومته ما زالت في مرحلة جمع البيانات من مؤسسات النظام السابق، مشيرًا إلى أن عدد الوزارات والمؤسسات في سوريا يجعل المهمة معقدة وتستغرق وقتًا. لكنه شدد على أهمية التخطيط طويل الأمد لوضع استراتيجيات تنموية تهدف إلى تحسين جودة الحياة للشعب السوري.
وقال: “نسعى إلى وضع خطط استراتيجية تؤمن خدمات مستدامة وتحقق تنمية اقتصادية تليق بالشعب السوري. المرحلة الحالية تتطلب الحذر في اتخاذ القرارات لضمان الانتقال السلس نحو نظام أكثر استقرارًا وكفاءة.”
التطمينات للشارع السوري
وردا على المخاوف بشأن قدرة حكومة تصريف الأعمال على إدارة الشؤون الخدمية على مستوى البلاد، أكد البشير أن كوادر المؤسسات السابقة ما زالت تعمل تحت إدارة الحكومة الجديدة، مشددًا على أهمية الاستفادة من خبراتهم لضمان الاستمرارية وتقديم خدمات أفضل.
رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، نوه إلى أن حكومته تسعى لتحقيق التكامل المؤسسي، والاستفادة من كافة الكفاءات الوطنية داخل سوريا وخارجها، مع الحفاظ على استمرارية العمل في المؤسسات الحكومية وعدم استبعاد أي كوادر لم تتورط في انتهاكات بحق الشعب السوري.
وقال البشير: “وجهنا رسائل واضحة للعاملين في المؤسسات الحكومية للاستمرار في عملهم، مؤكدين أن الحكومة تفتح أبوابها لجميع الكفاءات التي ترغب في المساهمة بإعادة بناء سوريا. قمنا أيضًا باستجلاب بعض الكوادر من حكومة الإنقاذ لتعزيز وتطوير الأداء المؤسسي في المرحلة الانتقالية.”
وأشار البشير إلى التباين الكبير بين مستوى الخدمات المقدمة سابقًا في شمال غرب سوريا وبين تلك التي كانت تقدمها مؤسسات النظام السابق. وقال: “على الرغم من الموارد المحدودة في شمال غرب سوريا، تمكنا من تحقيق خدمات مقبولة نسبيًا مقارنة بالمؤسسات التي كانت تحت إدارة النظام. ومع ذلك، نسعى لتحسين هذه الخدمات بشكل كبير لتلبية تطلعات الشعب السوري.”
وأكد البشير أن حكومته تعمل على نقل تجربة حكومة الإنقاذ، مع تطويرها بما يناسب إدارة البلاد بشكل شامل، مركّزًا على تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، وتطوير القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية.
التعاون مع الكفاءات الوطنية
وفيما يخص الانتقادات حول الانغلاق وعدم الانفتاح على كفاءات جديدة، نفى البشير هذه المزاعم، مشيرًا إلى أن حكومته تمد يدها لكل الأكاديميين والنخب السورية داخل البلاد وخارجها، ممن لم يتورطوا في انتهاكات. وأضاف: “تلقينا اتصالات يومية من متخصصين في مختلف المجالات، ونرحب بمساهمتهم في إعادة بناء المؤسسات السورية.”
ورداً على المخاوف بشأن الفصائل المسلحة، أوضح البشير أن جميع الفصائل تعمل تحت إدارة موحدة وغرفة عمليات مشتركة، مؤكدًا أن المرحلة الانتقالية حتى 1 آذار من عام 2025 ستشهد إعادة تنظيم هذه الفصائل ضمن هيكلية وزارة الدفاع لضمان الانسجام الكامل بين القوى العسكرية.
وقال البشير: “هدفنا هو تأسيس جيش وطني متماسك يعمل تحت قيادة موحدة، بما يضمن أمن واستقرار البلاد ويبدد المخاوف من أي انقسامات مستقبلية.”
وفي ختام حديثه، شدد البشير على أن المرحلة الانتقالية الراهنة ستشهد إعادة دراسة كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية، بهدف إطلاق حكومة شاملة قادرة على إدارة البلاد بكفاءة وفعالية.