أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون الحاجة الماسة لتصحيحات جوهرية في المسار الأمني والانتقال السياسي في سوريا في أعقاب العنف الذي شهدته محافظة السويداء الشهر الماضي وأسفر عن “سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، واستنزاف الثقة، وزيادة مخاطر التفتت”.

وشدد المبعوث الأممي – خلال حديثه أمام اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في سوريا اليوم الاثنين – على أن العنف المروع الذي عانى منه السوريون في السويداء ما كان ينبغي أن يحدث، “وشهد أيضا تدخلا أجنبيا غير مقبول”. 

وأوضح أنه مع نائبته، نجاة رشدي على تواصل مع السلطات في دمشق والجهات الفاعلة المحلية في السويداء طوال هذه الفترة.

إدانة أممية للانتهاكات

وأدان غير بيدرسون – الذي تحدث عبر الفيديو – الانتهاكات المروعة ضد المدنيين والمقاتلين في السويداء. كما أدان التدخل الإسرائيلي والغارات الجوية الخطيرة في السويداء ودمشق. 

وأبدى قلقا بالغا إزاء التقارير الموثوقة التي تلقاها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكتبه، والتي تشير إلى انتهاكات وتجاوزات واسعة النطاق، شملت إعدامات بإجراءات موجزة وقتلا تعسفيا، وعمليات اختطاف، وتدمير الممتلكات الخاصة ونهب المنازل.

وقال إن من بين الجناة المبلغ عنهم أفرادا من قوات الأمن وأفرادا تابعبن للسلطات، بالإضافة إلى عناصر مسلحة أخرى من المنطقة، بمن فيهم الدروز والبدو.

غير بيدرسون (على الشاشة)، المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا، يقدم إحاطة إلى مجلس الأمن حول الوضع في البلاد.

UN Photo/Loey Felipe

التهدئة الهشة لا تزال صامدة

وأشار المسؤول الأممي إلى الهدنة التي تم إعلانها في 19 تموز/يوليو، وانسحبت بموجبها القوات البدوية من غالبية السويداء، وأعادت قوات الأمن تموضعها على تخوم المحافظة وتراجعت الاشتباكات وتوقفت الضربات الجوية الإسرائيلية، على الرغم من استمرار المناوشات المتفرقة. 

ونبه إلى أن إلى أن التهدئة الهشة تظل صامدة إلى حد كبير، “إلا أن الوضع يبقى مشحونا وغير مستقر”.

وأفاد غير بيدرسون بنزوح حوالي 175 ألف شخص، مشيرا إلى أن الاحتياجات الإنسانية حادة. وأكد على ضرورة أن تتمكن الأمم المتحدة من إيصال المساعدات الإنسانية باستمرار وبلا عوائق. وأشار إلى بعض عمليات تبادل المدنيين والمقاتلين الذين كانوا محتجزين.

حاجة إلى الحكمة والمرونة

المبعوث الخاص قال إن الثقة في الأمن الدائم تعتمد قبل كل شيء على مصداقية الانتقال السياسي نفسه، منبها إلى أن “الولاء للدولة لا يمكن فرضه بالقوة. بل يجب كسبه من خلال عملية حقيقية تبني دولة تمثيلية، وتحمي حقوق الجميع، وتضم جميع شرائح المجتمع على قدم المساواة”.

وتابع قائلا: “هذا هو الوقت المناسب للتحلي بالمرونة والحكمة قبل كل شيء. إذا رأت المكونات والمجتمعات الرئيسية أن الدولة لا تتصرف كدولة بل كتهديد، فإن المواقف تتصلب. وبالمثل، إذا رأت قيادة هذه المكونات والمجتمعات أنها تتباطأ أو تعارض الاندماج الحقيقي في هيكل دولة واحد، فإن المواقف تتصلب في الاتجاه الآخر أيضا”.

وقال بيدرسون إن هذا التحدي الأساسي يتطلب حوارا وتسوية حقيقيين، ومساعدة نشطة من طرف ثالث لدعم عملية انتقال سياسي سورية بقيادة سورية وملكية سورية، شاملة، تستعيد سيادة سوريا ووحدتها وتمكن جميع أبناء الشعب السوري من تشكيل مستقبل البلاد. 

وأكد استعداد الأمم المتحدة لبذل قصارى جهدها للمساعدة، بالعمل مع السلطات وجميع السوريين. واختتم حديثه بالقول: “ببساطة، لا يمكن أن يفشل الانتقال السياسي السوري”.

إديم ووسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تطلع أعضاء مجلس الأمن الدولي على الوضع في سوريا.

UN Photo/Loey Felipe

تضرر كبير في البنية التحتية

إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قالت إن نساء وأطفالا وأفراد طواقم طبية من بين مئات الأشخاص الذين أفادت تقارير بمقتلهم، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية أكدت تقارير عن مقتل طبيبين، وعرقلة واستهداف سيارات الإسعاف، واحتلال مستشفيات مؤقتا.

وأفادت بتضرر البنية التحتية للمياه بشكل كبير، مما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه. كما تم الإبلاغ عن انقطاعات كبيرة في الكهرباء، بالإضافة إلى اضطرابات خطيرة في إمدادات الغذاء والوقود وغيرها من اللوازم في الأسواق. 

وأوضحت أن المستشفى الرئيسي يعاني من إرهاق شديد، مع نقص حاد في الإمدادات الطبية والموظفين، ونقص في الكهرباء.

وشددت المسؤولة الأممية على ضرورة حماية المحاصرين في القتال والسماح لهم بالتحرك بحرية بحثا عن الأمان والعلاج الطبي. كما أكدت على أهمية حماية البنية التحتية والخدمات الأساسية – بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والكهرباء.

الأمم المتحدة منخرطة مع الأطراف

وقالت إديم وسورنو إن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) منخرط مع كافة الأطراف لضمان سرعة إيصال المساعدات، لكنها قالت إن الوصول لا يزال مقيدا.

وذكرت أن قافلة مكونة من 32 شاحنة من الهلال الأحمر العربي السوري وصلت إلى السويداء، في 20 تموز/يوليو، حاملة مساعدات مقدمة من برنامج الأغذية العالمي واليونيسف، بالإضافة إلى شركاء آخرين. 

وفي 23 يوليو، وصلت قافلة ثانية للهلال الأحمر العربي السوري تحمل الغذاء ودقيق القمح والوقود والأدوية واللوازم الصحية – بما فيها مساعدات مقدمة من الأمم المتحدة – إلى السويداء.

كما أفادت المسؤولة الأممية بوصول قافلة ثالثة مماثلة إلى السويداء، اليوم الاثنين، تتضمن وقودا للمستشفيات والمخابز، وغذاء، ومجموعات جراحية، ومستلزمات إيواء. 

وقالت إن الأمم المتحدة مستمرة في التواصل مع الشركاء والسلطات المؤقتة للحصول على وصول مباشر إلى السويداء بمجرد أن تسمح الظروف الأمنية بذلك. وحثت كافة الأطراف على تسهيل وصول موسع ومستدام للمساعدات الإنسانية والموظفين، بمن فيهم الطواقم الطبية.

وأوضحت إديم وسورنو، أن الأمم المتحدة تعمل مع الهلال الأحمر العربي السوري وشركاء من المنظمات غير الحكومية لتقديم الغذاء والتغذية والخدمات الصحية والمياه وخدمات الحماية وغيرها من المواد الحيوية للنازحين الجدد في مراكز الاستقبال في درعا المجاورة، وفي ريف دمشق.