أعلن وزيرا خارجية سوريا والأردن عن إطلاق مرحلة جديدة من التعاون الثنائي، وذلك في أول اجتماع رسمي للمجلس الوزاري المشترك بين البلدين، بعد أيام من قرارات أمريكية وأوروبية برفع العقوبات الأمريكية والأوربية المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها “مفصلية” في إعادة دمج دمشق إقليميًا ودوليًا.

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقد حول إحداث مجلس تنسيقي أعلى بين سوريا والأردن، وذلك في قصر تشرين بدمشق، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن “رفع العقوبات عن سوريا كان مطلبًا ثابتًا للمملكة منذ اليوم الأول”، مشيرًا إلى أن “مبررات العقوبات لم تعد قائمة، وآن الأوان لمنح سوريا فرصة للنجاح”.

وأضاف الصفدي: “العقوبات كانت عائقاً كبيراً أمام جهود التنمية الاقتصادية، ورفعها سيساعد الحكومة السورية على خدمة شعبها ويتيح للقطاع الخاص العودة للعمل في سوريا”. وأكد أن “سوريا تمر بمرحلة جديدة تركز على إعادة البناء”، محذرًا من أن “العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية يقوّض فرص الاستقرار”.

من جهته، شدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على أن بلاده انتهجت منذ البداية سياسة “صريحة ومنفتحة” في علاقاتها مع الدول المجاورة، قائلاً إن “سوريا خرجت من الحرب، وتدخل اليوم مرحلة ترتكز على الأمن والاستقرار”.

وأوضح الشيباني أن “الحدود السورية مع الأردن ولبنان والعراق وتركيا يجب أن تكون آمنة”، داعياً إلى “ترجمة الانفتاح السياسي إلى مشاريع اقتصادية ملموسة”.

وقال الوزير السوري إن “العقوبات السياسية والقانونية التي كانت مفروضة أصبحت خلفنا”، مضيفًا: “من يريد أن يتعاون معنا فالأبواب مفتوحة، ومن يريد الاستثمار، لا قيود أمامه”.

عودة اللاجئين والتكامل الاقتصادي

فيما يتعلق بملف اللاجئين، أكد الوزير الأردني أن نحو 1.3 مليون سوري يعيشون في الأردن، وأن 90% منهم يقيمون خارج المخيمات، مشيرًا إلى أن العودة الطوعية تبقى الأساس الذي يتم التعامل به في هذا الملف.

وقال الصفدي: “عودة اللاجئين مرتبطة بنجاح سوريا في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، وملتزمون بإسنادها في هذه المرحلة الانتقالية”.

في المقابل، شدد الشيباني على أن “الحكومة السورية تقدر موقف الأردن، وتعمل بالتنسيق معه على وضع آليات تضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين”، مضيفًا أن “استقرار سوريا يخدم المنطقة برمتها”.

المجلس المشترك… بوابة للتكامل

وقال الصفدي: “اتفقنا مع معالي الوزير الشيباني على إنشاء هذا المجلس خلال زيارته السابقة إلى عمان، تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس السوري، بهدف بناء علاقات مؤسساتية ذات نفع متبادل بين البلدين”.

وأضاف: “وقعنا اليوم اتفاقية تأسيس المجلس، وعقدنا اجتماعه الأول بحضور وزراء المياه، والصناعة، والطاقة، والنقل، كما عقد وزراء الصحة في البلدين اجتماعاً ثنائياً”، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الاجتماعات هو “العمل معاً لمساندة سوريا في هذه المرحلة الانتقالية، وبناء شراكة قائمة على المصالح المشتركة”.

وأضاف الصفدي أن “الأردن هو بوابة سوريا إلى الخليج، وسوريا بوابة الأردن إلى أوروبا، وعلينا استثمار هذا الموقع المشترك”.

من جانبه، عبّر الشيباني عن تطلعه إلى “تحقيق شراكات حقيقية في مجالات الطاقة والكهرباء والوقود والتجارة”، مشيرًا إلى أن “الكرة الآن في ملعب الوزارات المختصة لترجمة هذه العلاقات إلى مشاريع ملموسة تعود بالنفع على شعبي البلدين”.

الاعتداءات الإسرائيلية

أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أن التهديدات الإسرائيلية لا تستهدف سوريا وحدها، بل تمس الأمن الإقليمي بأكمله، مشدداً على أن عقلية التصعيد التي تنتهجها إسرائيل تمثل مصدر قلق دائم لشعوب المنطقة. وأضاف أن القصف العسكري والتدخلات الإسرائيلية الميدانية والاستخباراتية المتكررة تُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولا يمكن القبول بها أو التعايش معها.

وأشار الشيباني إلى أن سوريا، التي أنهكتها الحرب على مدى 14 عاماً، تسعى اليوم إلى إعادة البناء وتوفير بيئة آمنة لعودة أكثر من ثمانية ملايين لاجئ في الخارج، في ظل تحديات اقتصادية وبنية تحتية منهكة. وقال إن هذه الجهود تصطدم بمحاولات إسرائيل نشر الفوضى وتقويض الاستقرار، مضيفاً أن دمشق تواصل العمل مع الدول العربية والأوروبية، وكذلك مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لضمان تنفيذ اتفاقية فصل القوات لعام 1974، والتي تلتزم بها سوريا بالكامل، بينما يشكل خرقها تهديداً مباشراً للاستقرار في المنطقة.

زمن جانبه، أكد وزير الخارجية الأردني أن موقف الأردن واضح وثابت في دعم سوريا في مواجهة العدوانية الإسرائيلية المستمرة. وأشار إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، واحتلال المزيد منها، لا مبرر له تحت أي ذريعة، وهو تصعيد يؤدي فقط إلى مزيد من الفوضى والصراع في المنطقة. وأوضح أن الحكومة السورية تسعى إلى بناء وطنها وتركيز جهودها على تلبية طموحات الشعب السوري بعيداً عن الصراعات، إلا أن التدخلات الإسرائيلية غير الشرعية وغير الأخلاقية تسعى إلى بث الفتنة والتقسيم، مما يهدد الأمن والاستقرار ليس فقط في سوريا، بل في المنطقة بأسرها، ويمس بشكل مباشر الأمن الوطني الأردني، خصوصاً عبر اعتداءات إسرائيل على الجنوب السوري باعتباره امتداداً للأمن الأردني.

وأضاف الوزير أن إسرائيل تتنصل من التزاماتها، مثل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وتستمر في احتلال مناطق متفق على الانسحاب منها، بينما تواصل الاعتداءات على الأراضي السورية دون مبرر قانوني أو أخلاقي. ورأى أن هذه السياسات تكرس الانقسام وتزيد من الفوضى، وهي خطر يهدد الجميع. وأكد أن الأردن يقف مع سوريا بكل قوة في مواجهة هذه الاعتداءات، وأن الرسالة إلى المجتمع الدولي هي ضرورة احترام سيادة سوريا، ووقف التدخلات الخارجية والعدوانية الإسرائيلية التي تزيد من التوتر والصراع في المنطقة.

وختم بالتأكيد على أهمية تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، يقوم على إنهاء الاحتلال للأراضي العربية في فلسطين وسوريا ولبنان، ويضمن الأمن والاستقرار لجميع الشعوب، مع رفض أي ذريعة لإسرائيل لتبرير اعتداءاتها على سوريا، مشيراً إلى أن هذه الاعتداءات لا تخدم سوى تفتيت الوحدة الوطنية وتهديد أمن المنطقة بأسرها.