مدينة رأس العين، هي إحدى أقدم المدن في الجزيرة الفراتية شرق سوريا قرب الحدود مع تركيا، وتتمتع بتاريخ طويل ومعقد يمتد لآلاف السنين.
كما ورد ذكرها في معجم أبو عبيد البكري، تسمى على لفظ عين الماء، وبعض اللغويين يقولون رأس عين، وينكرون إدخال الألف واللام في الاسم. تقع رأس العين في ديار بني أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، وهي إحدى كُور ديار ربيعة، الممتدة بين الحيرة والشام. شهدت المدينة غارات قبلية، حيث أغار عليها بنو رياح بن يربوع، وقتلوا منهم معاوية بن فراس، كما أقدموا على نهب الإبل، كما يذكر الشاعر سحيم بن وثيل الرّياحي في وصفه لهذه الأحداث.

يخرج من رأس العين نهر الخابور، وهي جزء من بلاد الجزيرة، وتعتبر من ديار مضر. كما ورد في بعض المصادر الأدبية والشعرية، ذكرها المخبّل السعدي في مخاطبته الزبرقان (وأنكحت هزّالا خليدة بعدما … زعمت برأس العين أنّك قاتله)، وذكرها البحترّي في قصائده (نظرت ورأس العين منّى مشرق … صوامعها والعاصميّة مغرب)، مؤكدًا على أهميتها الجغرافية والنهرية، مثل عين الزاهريّة التي عرف بها المكان عند بعض العلماء مثل محمد بن سهل الأحول.


🌍 الموقع الجغرافي

تقع رأس العين في شمال غرب محافظة الحسكة 80 كلم تقريبا، على الحدود السورية التركية. تتميز بموقع استراتيجي على نهر الخابور، الذي يتغذى من أكثر من 50 ينبوعًا طبيعيًا، مما جعلها مركزًا حضاريًا وتجاريًا منذ العصور القديمة.


🏛️ التاريخ القديم

  • العصور القديمة: يعود تاريخ الاستيطان في المنطقة إلى العصر الحجري الحديث (حوالي 8000 ق.م)، حيث كانت تعرف باسم “سيكان” في العهد الآرامي.
  • العهد الأشوري: أصبحت تعرف باسم “غوزانا” وكانت مركزًا إداريًا هامًا.
  • العهد الروماني والبيزنطي: أطلق عليها الرومان اسم “رازينا” أو “تيودسليوس” نسبةً إلى الإمبراطور تيودوسيوس الأول.
  • العهد العباسي: كانت رأس العين مركزًا تجاريًا هامًا ومحطة للقوافل، ومصيفًا للخليفة العباسي المتوكل.
  • تعرضت لهجمات كثيرة في عهد الأيوبيين والزنكيين قبل الهجوم المغولي على المنطقة.

🕌 الفتح الإسلامي

في عام 640م، خلال عهد الخليفة عمر بن الخطاب، فتحها القائد عياض بن غنم، ورافقه الصحابي خالد بن الوليد. تذكر بعض الروايات أن خالد بن الوليد أُسر فيها، بينما تشير روايات أخرى إلى أنه دخلها للتفاوض.


🏺 الاكتشافات الأثرية

  • تل حلف: يعود إلى حوالي 3500 ق.م، وكان مركزًا حضاريًا هامًا في العصور القديمة.
  • تل الفخيرية: في أواخر السبعينات، اكتُشف فيه نقش/تمثال ثنائي اللغة (الآرامية والآشورية)، مما يوفر دلائل مهمة عن اسم المدينة وحكامها الآراميين/الآشوريين.

💧 الينابيع وأزمة المياه

تشتهر رأس العين بوفرة ينابيعها، مثل عين الزرقاء، عين البانوس، عين الحصان، وعين سالوبا، وعين الكبريت، عين دولاب التي كانت تغذي نهر الخابور. لكن منذ عام 1994، بدأت هذه الينابيع بالجفاف، نتيجة استجرار السلطات السورية المياه من محيط المدينة بالمضخات وحفر عشرات الآبار العميقة لتأمين مياه الشرب لمدينة الحسكة، أدى ذلك إلى تهديد وجودي للمدينة، حيث ظهرت تكهفات وانهيارات للتربة الكلسية تحت المدينة، التي بنيت أجزاء منها فوق تجمع ينابيع كارستية عملاقة، عاد بعضها للحياة في 1997، قبل أن يجف آخرها نهائيًا في عام 2001.


👥 التعداد السكاني والتنوع الإثني

وفقًا لإحصاء عام 2004، بلغ عدد سكان المدينة حوالي 29,347 نسمة. تذكر بعض المصادر أن العدد مع الريف يصل إلى 250,000 نسمة. يتنوع سكان المدينة بين العرب، الأكراد، الشيشان، وبعض الطوائف المسيحية.


⚔️ الأحداث الحديثة

منذ عام 2011، شهدت رأس العين صراعات عسكرية متعددة. في 15 نوفمبر 2012، سيطر عليها الجيش الحر بعد معارك طاحنة ضد قوات نظام الأسد، ثم انتقلت السيطرة إلى وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في 2013. في عام 2019، دخلتها القوات التركية دعما للجيش الوطني السوري ضمن عملية “نبع السلام”.


🏗️ التحديات المستقبلية

تواجه رأس العين تحديات كبيرة في مجال التنمية العمرانية والاقتصادية، نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والبيئة، يسعى السكان المحليون للعودة إلى مدينتهم والعودة إلى حياتهم الطبيعية، معتمدين على تاريخهم الغني وتنوعهم الثقافي.


📸 صور من رأس العين


شارع الكنائس