شهدت سوريا تصعيداً خطيراً في الأعمال العسكري منذ 27 تشرين الثاني المنصرم، مع إطلاق فصائل عسكرية تقودها هيئة تحرير الشام هجوماً عسكرياً لطرد قوات النظام وحلفائه الإيرانيين من محافظة حلب. وأدى هذا التصعيد إلى نزوح أكثر من 70,000 شخص من داخل حلب ومناطق أخرى مثل إدلب وحماة إلى مناطق أخرى، حسب الأمم المتحدة، حيث امتدت الأعمال القتالية إلى مناطق واسعة، مما زاد من حدة الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

موجة نزوح داخلي

أصدر المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، بياناً عبّر فيه عن قلقه البالغ إزاء تفاقم الأوضاع الإنسانية، مؤكداً أن فرق الإغاثة تواجه تحديات هائلة في إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة.

وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، شهدت مدينة منبج وصول مئات العائلات النازحة، بينما فر آخرون إلى مدن مثل السفيرة وداخل مدينة حلب نفسها. وأدى انعدام الأمن إلى إجلاء سكان الأحياء الغربية من المدينة، دون الإشارة للغارات الجوية التي يشنها النظام السوري وروسيا، والتي أوقعت خلال الفترة من 27 تشرين الثاني حتى 2 كانون الأول، أسفرت الهجمات عن مقتل 81 مدنياً، بينهم 34 طفلاً و12 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 304 أشخاص، بينهم 120 طفلاً و78 امرأة، بحسب الإحصائيات التي نشرها الدفاع المدني السوري. .

في إدلب، حيث سيطرت الفصائل العسكرية على بعض المناطق، تمكنت فرق الإغاثة من إيصال المساعدات إلى الأسر النازحة في بلدة تمانعة. في الوقت ذاته، استقبلت مناطق الساحل السوري مثل طرطوس واللاذقية أعداداً كبيرة من النازحين، وسط تحديات تتعلق بقدرة المخيمات ومراكز الإيواء على استيعابهم.

وفي دمشق وريف دمشق، بلغ عددهم حوالي 13.000 فرد وصلوا إلى السيدة زينب (ريف دمشق) وأغلبهم من قريتي نبل والزهراء (حلب)، واستضافوا إما في المساجد، مع الأقارب، أو في الفنادق.
كما حدث نزوح داخلي من حلب إلى الرقة، حيث يتواجد الآلاف ايتم إيوائهم مؤقتاً في صالة رياضية في مدينة الطبقة.

الأمم المتحدة تحذر وتدعو لوقف القتال

في تصريح للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، دعا إلى وقف فوري وشامل للأعمال القتالية شمال سوريا، مشدداً على ضرورة حماية المدنيين وضمان توفير ممرات آمنة للنازحين. المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، حذر من أن تعليق العمليات الإنسانية في مناطق عدة أدى إلى نقص حاد في المياه النظيفة والخدمات الصحية الأساسية.

من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة يوم الثلاثاء لبحث التصعيد العسكري في شمال سوريا، بناءً على طلب الحكومة السورية عبر الدول الأفريقية الأعضاء في المجلس. الجلسة ستركز على الهجمات الأخيرة التي شنتها هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها، وسط دعوات دولية لوقف القتال وتحسين الأوضاع الإنساني

يأتي هذا التصعيد وسط أزمة إنسانية تعد من بين الأشد في العالم، حيث يحتاج أكثر من 16.7 مليون شخص في سوريا إلى مساعدات إنسانية قبل موجة النزوح الأخيرة. وبينما تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها على التخفيف من معاناة المتضررين، تظل الحاجة ماسة إلى حلول سياسية ودبلوماسية لوقف هذا النزيف المستمر، مع تعنت نظام بشار الأسد على المسار السياسي ورفضه السماح بعودة اللاجئين والنازحين لبلداتهم إلا بشروط دفع تكاليف إعادة تأهيل البنية التحتية وتنفيذ مشاريع تعافي مبكر تشرف عليها دمشق.

وكانت الفصائل العسكرية بررت هجومها الأخير بانها تريد دفع اعتداءات عناصر قوات النظام والميليشيات الإيرانية بالقصف والطيران المسير عن مخيمات النازحين والبلدات في إدلب إلى جانب إعادة المهجرين إلى منازلهم في حلب وإدلب وحماة.