قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون إن سوريا لا تزال في حالة من الصراع العميق والتعقيد والتفكك. كما نبه إلى أن اللاجئين السوريين يواجهون تطورات مقلقة، مشددا على ضرورة حماية السوريين أينما كانوا.

وفي إحاطته عبر الفيديو أمام مجلس الأمن اليوم، أفاد بيدرسون بأن سوريا مليئة بالجهات المسلحة والجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن وجيوش أجنبية وخطوط مواجهة.

وأضاف “لا يزال المدنيون ضحايا للعنف ويتعرضون لانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ويعانون من حالة نزوح ممتدة وأوضاع إنسانية مزرية”. وقال إن تهديد الصراع الإقليمي الذي يخيم على سوريا لم يتراجع، مشيرا إلى تصاعد الضربات الإسرائيلية على سوريا.

ونبه كذلك إلى أن خطر التصعيد داخل حدود سوريا غير متضائل في ظل الأعمال العدائية على الخطوط الأمامية في جميع أنحاء الشمال والتي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين. وتطرق بيدرسون كذلك إلى استمرار نزول الناس إلى الشارع للتظاهر للتعبير عن مظالمهم، و“غالبا ما يواجهون إجراءات قمعية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة”.

وتحدث كذلك عن استمرار الممارسات القمعية بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاحتجاز والاختفاء في جميع مناطق سوريا، مضيفا أن “مثل هذه الممارسات تساهم أيضا في خلق واقع عام من انعدام القانون والخوف والعنف”.

تطورات مقلقة

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا حذر من “التطورات المقلقة” التي يواجهها السوريون خارج سوريا. وأشار إلى ورود تقارير مثيرة للقلق عن وقوع هجمات على اللاجئين السوريين، التي أثارت عنفا كبيرا.

وقال بيدرسون “يشعر اللاجئون بالقلق إزاء احتمال إعادتهم قسرا أو دفعهم للعودة من خلال تدابير تقييدية متزايدة. ونحن ندرك تماما المأزق الهائل الذي تواجهه البلدان المضيفة، وندعو بقوة إلى دعمها”.

وشدد على أهمية دعم السوريين الذين يختارون العودة طواعية، ووضع حد للخطاب والإجراءات المعادية للاجئين. وأضاف “يجب حماية السوريين أينما كانوا، ويجب أن تستمر الجهود لخلق الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة”.

طريق طويل وشاق

وأكد المسؤول الأممي أنه نظرا لحجم الصراع وتعقيده، فإنه “لا يوجد حل سهل وسريع. وسوف يكون الطريق إلى السلام طويلا وشاقا، ولهذا لابد من السير في اتجاه محدد”. وشدد على أن هناك حاجة لعملية يقودها السوريون وتيسرها الأمم المتحدة، وهو المسار الموصوف في قرار مجلس الأمن 2254.

وقال إنه يواصل استكشاف الأفكار حول كيفية إعداد الأرضية لنهج جديد وشامل، والدفع نحو خفض التصعيد بشكل عاجل نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وكسر الجمود بشأن إعادة عقد اجتماعات اللجنة الدستورية واتخاذ تدابير بناء الثقة للمضي قدما.

وأكد بيدرسون أن “الصراع في نهاية المطاف هو صراع سياسي لا يمكن حله إلا عندما تتمكن الأطراف السورية من تحقيق التطلعات المشروعة واحترام سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها واستعادتها”.

ولفت إلى أن الانتخابات البرلمانية التي نظمتها الحكومة السورية في 15 تموز/يوليو بما يتماشى مع الدستور الحالي، لا تشكل بديلا عن العملية السياسية التي أنشأها القرار 2254.

وشدد المسؤول الأممي على أنه يجب إشراك جميع أصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين، ومعالجة المخاوف ذات الصلة في إطار نهج شامل لتنفيذ قرار مجلس الأمن، علاوة على نهج لا يستبعد أيا من الجهات الفاعلة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية.

وقال بيدرسون في ختام إحاطته “ندائي للجميع هو الانخراط مع الأمم المتحدة بروح من العملية والواقعية والصراحة والتوافق للمضي قدما في العملية السياسية”.

“أطفالي يعانون”

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، قال راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن سوريا لا تزال تعاني من أسوأ أزمة إنسانية منذ بدء الصراع قبل أكثر من 13 عاما.

وجدد التأكيد على أنه في جميع أنحاء البلاد، يحتاج أكثر من 16 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، والغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال.

وقال “إن تأثير الصراع، إلى جانب الصعوبات الاقتصادية المرتبطة به، والضغوط الناجمة عن تغير المناخ، وانخفاض التمويل الإنساني بشكل كبير، وغياب برامج التنمية للخدمات الأساسية، لم يكن أكثر وضوحا منه خلال هذه الأشهر الأكثر سخونة من العام”.

وتحدث عن الزيارة التي قام بها المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى لمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا.

وقال إن إحدى النساء اللاتي التقاهن وتدعى أمينة وتعيش في مخيم الهول مع أطفالها الثلاثة قالت له “غالبا ما نمضي أياما دون الحصول على ما يكفي من المياه النظيفة للشرب أو الطهي أو الغسيل. وتجعل درجات الحرارة المرتفعة الوضع أسوأ. أطفالي عطشى باستمرار، ومن المحزن أن نراهم يعانون”.

راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أثناء إحاطته أمام مجلس الأمن.

UN Photo/Eskinder Debebe

راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أثناء إحاطته أمام مجلس الأمن.

“شريان حياة”

وأكد المسؤول الأممي أن الأمم المتحدة وشركاءها يبذلون ما في وسعهم لمساعدة الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية من المياه، مشيرا إلى أنه في جميع أنحاء سوريا، تلقى أكثر من 3.5 مليون شخص مساعدات في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الربع الأول من هذا العام.

لكنه حذر من أن “نقص التمويل يقيد بشكل خطير قدرتنا على الحفاظ على هذه الأنشطة، ناهيك عن توسيع نطاقها”. وأحد الأمثلة على تداعيات ذلك بحسب راجاسينغهام، أنه في شمال غرب سوريا لا يحصل أكثر من 900 ألف شخص على الدعم المهم للمياه والصرف الصحي الذي يحتاجون إليه، وأكثر من نصفهم من الأطفال.

وأضاف أنه “بالنسبة لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا الذين يعانون الآن من الحرارة الشديدة بالإضافة إلى سنوات من الصراع والنزوح، تظل العملية (الإنسانية) عبر الحدود من تركيا شريان حياة بالغ الأهمية”.

ولفت إلى أنه على الرغم من الانخفاض العام في المساعدات بسبب نقص التمويل، فقد كانت المعابر الحدودية مفيدة في تمكين خدمات المساعدة والحماية الحاسمة لأكثر من مليون شخص ضعيف كل شهر.

اختيار المغادرة

وشدد المسؤول بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على أن نقاط الضعف العميقة التي كشفت عنها درجات الحرارة الشديدة في الصيف في سوريا تؤكد على مدى أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وأشار إلى أن هذا يتطلب وصولا إنسانيا دون عوائق وحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية، كما يتطلب المزيد من التمويل. وقال المسؤول الأممي إنه “بدون تحسن الوضع العام، قد نرى العديد من السوريين الذين يمثلون مستقبل البلاد يختارون المغادرة، مما يضيف إلى ملايين اللاجئين في المنطقة وخارجها”.


المصدر: الأمم المتحدة