بعد زلزال 6 شباط المدمر، ينتهز النظام السوري كل فرصة لاستثمار الكارثة بهدف التكسب عبر أموال المنظمات الدولية، وتغطية أفعاله القديمة من تدمير للمدن وآثارها بالقصف، ليضعها تحت بند ما بات يسمي “أضرار كوارث الطبيعة”.
وكان المسرح هو “حلب القديمة”، التي أمطرها النظام بقنابله وصواريخه وبراميله المتفجرة على مدى سنوات، وما أحدثته من الخراب والدمار بخاناتها ومساجدها وبيوتها وأسوقها الأثرية من باب الفرج إلى المنشية وصولاً لقلعتها الشهيرة .
فعند ما يكون العنوان الأبرز اليوم لدى وسائل إعلام النظام “وفد من اليونيسكو يزور مدينة حلب القديمة خلال أيام 24-25-26 شباط”، للاطلاع على احتياجات المدينة القديمة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة ودراسة أثره واضراره على الأبنية الأثرية، يمكن التخمين بسهولة الهدف والامنيات حين يقول: من اجل “دراسة مشاريع التمويل الدولي والتدخل العاجل” ..!
ويتقدم الوفد إيلينا كونستانتينو، خبيرة في البرنامج الثقافي من مكتب اليونسكو في بيروت والمدير العام آثار النظام نظير عوض ومدير آثار حلب صخر علبي … وممثلين عن الأمانة السورية للتنمية، وهي المنظمة التي تقودها أسماء الأسد، والتي من المفترض انها معاقبة أوربيا وأمريكيا.
ويأتي هذا وسط تجاهل الخبيرة الأممية ومنظمتها لحال “الأبنية الأثرية في مناطق الشمالي السوري” الخارجة عن سيطرة النظام وهي الأكثر تضررا من الزلزال، والتي تتعرض لخطر القصف والتخريب والإهمال، هذا عدا عن غياب الوفود الأممية ومنظمة اليونسكو حين كانت قوات النظام تدك مدينة حلب القديمة بالقنابل والصواريخ ليل نهار..؟!!
وهنا يمكن أن نسأل، ألم يكن حرياً باليونسكو أن ترسل لجان تحقيق دولية للوقوف أثار قصف قوات النظام وحلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات في مدينة حلب القديمة؟! قبل أن تعطيه فرصة لإخفاء جرائم تحت ستار أضرار خلفها الزلزال بالجزء الإنشائي من هذه الآثار.
لا اعتقد أن هذه المنظمات مهتمة بالإجابة عن مثل هذه الأسئلة التي تطرح نفسها، كلما تأتي منظمة لتقديم الأموال لسلطات دولة يحكمها دكتاتور تساعده طغمة حاكمة وشخصيات تنهب حتى المساعدات الدولية المقدمة لضحايا الزلزال بهدف البقاء على قيد الحياة او تخفيف من وطأة العزلة الدولية عن نفسه .. وهي ذات الشخصيات التي تقود عصابات منظمة وتتشارك بنهب الآثار وسرقة مقدرات الشعب السوري وتاريخه وحضارته .
ومن أصغر أمثلة الفساد نظير عوض مدير عام الآثار والمتاحف، الذي لم تنفذ قرارات الإدانة التفتيشية بحقه على خلفية فساد وسرقة علنية بحق تاريخ وحضارة سوريا.
ولا بد من الإشارة إلى أن مدير آثار حلب صخر علبي ممن رافقوا وفد اليونيسكو في حلب القديمة، هو صاحب فكرة ثقب جدران قلعة حلب الأثرية لتركيب مكيفات لاستقبال أسماء الأسد ..وهي فضيحة وصلت تفاصيلها إلى اليونيسكو آنذاك… !
وكان اليونسكو والمنظمات الدولية الأخرى تعتقد أن سلطات قمعية تدير البلاد بعقلية العصابات المافيوية يمكن أن تكون محل ثقة لتنفيذ مشاريع إعادة ترميم الآثار السورية وهو من دمرها، وعلى هذا الأساس تقدم الدول المساعدات لنظام الأسد لتوزيعها للشعب السوري المكلوم وهو الجلاد الذي اعمل فيهم القتل والتشريد على مدى عقد كامل من الزمن.
فخلاصة، القول أن العمل مع المجرم بحق الآثار السورية بحجة تقييم الأضرار لترميمها هو مكآفئة لهذا النظام القمعي على جرائمه بحق آثار سوريا وتاريخها ومساعدة له على الاستمرار في غيه وظلمه.