اعتبر الأتراك عملية “نبع السلام” العسكرية شرق نهر الفرات المرحلة الثالثة لإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا بعد عمليتي “درع الفرات” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” و “غصن الزيتون” ضد مسلحي حزب “الاتحاد الديمقراطي” بريف حلب، فهل حققت أهدافها بعد مرور عام على إطلاقها؟

أطلق الجيش التركي يوم 9 تشرين الأول أكتوبر 2019 عملية عسكرية لدعم فصائل “الجيش الوطني السوري” ضد عناصر وحدات حماية الشعب و المرأة أذرع “الاتحاد الديمقراطي” العسكرية في منطقتي “رأس العين” شمال الحسكة و”تل أبيض” شمال الرقة” تحت اسم “نبع السلام”.

وبهذه العملية، أخرج حزب “الاتحاد الدمقراطي” من 605 مناطق مأهولة ضمن مساحة 4 آلاف و219 كيلومتر أهمها مدينتي “رأس العين” و”تل أبيض” وبلدات “سلوك والمبروكة والمناجير” باتت تحت سيطرة الجيش الوطني، و تقول وزارة الدفاع أن 250 ألف شخص يسكنها حاليا، بينما يقدر عدد سكانها بالأحوال الطبيعية بنصف مليون، فيما أحصت الإدارة الكردية نزوح ما يقارب 162,000 ألف شخص نحو الحسكة والرقة.

وعلقت الأعمال العسكرية والقصف الجوي لمدة 120 ساعة يوم 17 تشرين أول أكتوبر 2019، بعد اتفاق أنقرة مع الرئيس التركي دونالد ترمب، ونائبه مايكبنس لإتاحة الفرصة لانسحاب عناصر حزب “الاتحاد الدمقراطي” من المنطقة بعمق يزيد 30 كم إلى حدود طريق الحسكة- حلب الدولي.

وسارعت الإدارة الكردية إلى طلب تدخل قوات النظام لوقف توسع منطقة “نبع السلام” و في 22 تشرين أول أكتوبر، قررت قمة “سوتشي” بين تركيا وروسيا، تكليف الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري في اليوم التالي بإخراج عناصر الحزب الكردي الباقين من حدود منطقة “نبع السلام”، لمسافة 30 كيلومترا من الحدود التركية مع تسيير دوريات بعمق 10 كلم على طول الحدود اقترب عددها من 90 دورية.


الأهداف المعلنة

أعلنت تركيا مرارا أن عملية” نبع السلام” تهدف إلى ضمان أمن حدود تركيا، وإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، ومنع تشكيل ما تسميه “حزاما إرهابيا” شمالي سوريا، وإحلال الاستقرار عبر إنشاء منطقة آمنة، وعودة السوريين إلى وطنهم بشكل طوعي وآمن ومشرف.

ويرى مراقبون أنه رغم تأسيسها بقعة بعيدة عن قصف الطيران السوري والروسي لم تحقق أهدافها بإنشاء منطقة آمنة بالمعنى الكامل ضمن المنطقة ذات الأغلبية العربية بين مدينتي”رأس العين وتل أبيض”، لكنها تمكنت من فصل منطقة عين العرب ذات الغالبية الكردية شرق حلب عن عامودا والدرباسية بالحسكة لضمان منع قيام إقليم كردي مستقل أو يتمتع بحكم ذاتي على الحدود التركية.

ودليل ذلك حصول عشرات الانفجارات التي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيين، والتي دفعت السكان للنزوح خارج المنطقة باتجاه تركيا أو الحسكة والرقة، ساعدها على ذلك استمرار انتهاكات الفصائل العسكرية التي تعطل عمل المجالس المحلية وعودة الحياة المدنية للمنطقة بسبب الاستيلاء على منازل ومتاجر السكان.

يمكن القول أن عملية “نبع السلام” حققت الأهداف التي تخدم الأمن القومي التركي ومنع إقامة إقليم كردي يتمتع بحكم ذاتي على حدودها، لكنها لم تنجح باقناع اللاجئين السوريين من أهالي المنطقة للعودة من تركيا إليها، بل على العكس تشهد منافذ التهريب عشرات حالات العبور نحو ولاية أورفة التركية بشكل شبه يومي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *