عبارة “العنوان” مقولة قديمة يُنسبها البعض للفيلسوف أفلاطون، ويقولون بأنه ذكرها بكتاب “الجمهورية” بينما يرى آخرون أنها أقدم من ذلك.
هذه العبارة العميقة تلمح إلى أن الطيور دائمًا ما تجتمع على شكل أسراب من نوع واحد، حسب ما ورد بالمصادر الغربية، وعند العرب تستخدم للإشارة إلى اجتماع المتماثلين بالأخلاق من البشر، ولكنا تحمل في بطنها الكثير من المعاني، فعلى سبيل المثال، يمكننا تطبيق هذه القاعدة على النباتات.
فذكور زهرة البرتقال لا تستطيع إلا تلقيح زهور إناث البرتقال، حتى وإن اصطدم غبار الطلع بالعديد من الزهور لأشجار أخرى من الحمضيات، فلا يقوم بتلقيحها لأنه لا ينجذب ولا يتفاعل إلا مع جنسه. كذلك، في عالم الحيوانات، لا تنجذب الأسود إلا لإناثها (اللبؤات)، مما ينتج قطيعًا من نفس النوع الجيني. ولا تنجذب الأسود إلى النمور على الرغم من كونهما من السنوريات ويتفقان في كثير من الطباع والصفات.
عندما تدخل الإنسان الشرير، ليغير خلق الله، وحاول تخريب فطرة الكون وكسر قاعدة “المشاكلة”، وهنا نقصد المشاكلة الواقعية لا المشاكلة التحقيقية ولا التقديرية، فنتج عن ذلك ظواهر مشوهة على سبيل المثال، برتقال بطعم الليمون، وحيوان “لايغر” المشوه الذي لا هو أسد ولا نمر والبغال والنغال.
الإنسان لم يكتفِ بتخريب الأرض وما عليها، بل بدأ بتخريب نفسه أيضًا، عندما كسر قواعد الكون ونواميسه فتكسّر على رأسه وتفجرت مشاكله.
ولم يكتفِ بهذا العبث، بل صار يقنع نفسه أنه على صواب، يدعي الحرية والتحضر ليتصرف كما يشاء ومع من يشاء.
وعندما ارتطم رأسه بصخرة حقيقة، بدأ يهرب من الواقع إلى الوهم والضياع، هذا ما نراه في قضايا الزواج، كالطلاق والتفكك الأسري التي تعج بها مجتمعاتنا ومحاكم الأسرة، حيث يتجبر الزوج على الزوجة فيأكل حقوقها ثم يرميها بالشارع مفتخرا بأنها لم تطل منه “لا أبيض ولا أسود”.
الأمراض الخطيرة تفشت بيننا حتى ألفناها وتعودنا عليها، ولم تعد تهزنا مثل ذي قبل، حوادث تشكو فيها النساء الأزواج وترميهم في السجون للانتقام من ضرتها، على سبيل المثال لا الحصر.
حتى مسألة الموت÷ فالموت أصبح لدينا أمرا عاديًا، لا يحمل معنى المصيبة، ولا الفجيعة، وتجد المجالس المترامية الأطراف تعج بأشخاص يهرجون ويلقون النكات وآخرون يضحكون عليها، ومن المفترض أنهم قدموا لمواساة أهل الفقيد؟!
ربما لأنهم لا يشعرون أن أصحاب المصاب ينتمون إليهم اجتماعيا أو ثقافيا .
وأخيرا، فانجذاب الإنسان إلى من هم من غير ثقافته أو عمره أو بيئته يخلق علاقات اجتماعية جديدة…علاقات مشوهة ومصيرها مجهول ومستقبلها فاشل.
فاحذروا الفشل! وابحثوا عن أشخاص تشاكلونهم ويشاكلونكم!