عندما تعلن وزارة الدفاع التركية أنها اتفقت مع روسيا لتوزيع القمح المخزن بصوامع الشركراك القريبة من الطريق الدولي شمال الرقة، وفي الوقت ذاته تحمل وسائل إعلام سورية معارضة قسد مسؤولية ارسال 400 طن إلى مناطق سيطرة قوات النظام تظهر الصورة واضحة لطريقة فهم هؤلاء لما يجري شمال سوريا.

والمفارقة أن هذه الاتفاقات شملت باقي عناصر ثلاثي الحياة في المنطقة “الطاقة والمياه”، فاتفاق اقتسام حبوب الخبز سبقه اتفاق الكهرباء مقابل الماء وسط تبريرات إعلامية لهذه الاتفاقات رغم وقعها الثقيل على المدنين على جانبي الـ M4 خط التفاهم الروسي- التركي.

وتأكيد مصدر من المجلس المحلي لتل أبيض أن 12 سيارة محملة بالقمح وصلت للمطحنة الجديدة مع حديث عن تخصيص معظم ثمن الحبوب لإصلاح شبكة الصرف الصحي برأس العين، قابله إعلان من المرصد السوري حول استجرار الإدارة الذاتية 400 طن بوساطة روسية من صوامع الشركراك، التي كانت تحوي 9000 طن قمح و 11000 طن شعير قبل سيطرة الجيش الوطني عليها وهي كميات تساوي تقريبا مخزون الصخيرات والدهليز.

مسير مفاوضات الشركراك لن تخرج عن مسار “أستانا” الذي سهل للنظام عودة سريعة لمناطق واسعة من البلاد ومكاسب صعبة المنال عسكريا، ومازالت هذه المفاوضات تزعج قسد أكثر من وفود المعارضة المنخرطة فيها دون تأثير، لأنها لم تحصل على جدول زمني واضح.


ويمكن القول أن الاصرار في البيان الختامي على عدم شرعية “الحكم الذاتي” و التأكيد على الوقوف ضد الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى “إضعاف وحدة سوريا وتهديد الأمن القومي لدول الجوار” هو ضغط مباشر من الدول “الضامنة” على “قسد” بعد التوترات الأخيرة في الحسكة إلى جانب الثقل التركي.

ويبقى القول إن رفض الولايات المتحدة حضور اجتماعات “أستانا 15” في منتجع “سوتشي” الروسي، جعلت فعالية هذا المسار في حدود مناطق نفوذ أنقرة وموسكو داخل سوريا، وهذا ما أدركته وزارة الخارجية الروسية، حينما اعتبرت رفض واشنطن المشاركة في لقاء سوتشي 2018 محاولة للتقليل من شأن مسار “أستانا” وإبقاء الأفضلية لمسار جنيف، حيث عقدت مؤخرا اجتماعات للجنة الدستورية، وصفها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن بـ “المخيبة للآمال”.

و يمكن اعتبار تقاسم قمح الرقة تنفيذا للبند 12 من بيان “أستانا 15” فهل من معترض؟!

أيضا، تركيز الحديث إعلاميا عن اتفاق الشركراك قابله تجاهل دعوة موسكو فصائل المعارضة للقضاء على “هيئة تحرير الشام” في إدلب قبيل تمديد خفض التصعيد! حين قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف “على المعارضة تحرير إدلب من الإرهابيين”.