قالت الرئاسة السورية يوم الخميس إن الحكومة أمرت بسحب القوات العسكرية من محافظة السويداء، في خطوة قالت إنها تهدف إلى “إتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة” بعد وساطة أمريكية وعربية، لكنها اتهمت “قوات خارجة عن القانون” بخرق التفاهمات وارتكاب “جرائم مروعة” ضد المدنيين.

وأضافت القيادة السورية في بيان أن سحب القوات جاء ضمن تفاهم واضح يضمن “عدم اللجوء إلى الانتقام أو استخدام العنف”، لكنها أشارت إلى أن ما جرى لاحقًا يمثل “خرقًا واضحًا لهذه التفاهمات”، محذرة من خطر “الانهيار الأمني” و”تهديد السلم الأهلي”.

وقالت الحكومة السورية إنها “تؤكد التزامها الكامل بمحاسبة كل من تورّط في ارتكاب الجرائم وتجاوز القانون، أيًّا كانت الجهة التي ينتمي إليها”، وجددت دعوتها إلى ضبط السلاح المنفلت، منددة بـ”التدخلات الإسرائيلية السافرة التي تعقّد المشهد الإقليمي”.

وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مصور يوم الخميس إن القوات السورية انتهكت “الخطين الأحمرين” اللذين تضعهما إسرائيل في الجنوب السوري، مشيرًا إلى ما وصفه بـ”مجازر بحق الدروز”. وأضاف أن وقف إطلاق النار في السويداء “تم انتزاعه بالقوة، لا بالطلبات”، مؤكدًا أن إسرائيل “ستواصل التحرك عند الضرورة”.

وشنت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية، بينها مقر وزارة الدفاع في دمشق، وفق مصادر أمنية سورية، وذلك وسط تصاعد التوتر بين جماعات درزية ومسلحين بدو، وتدخل قوات حكومية في المنطقة.

اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في سوريا

وفي نيويورك، أعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم حيال التصعيد الأخير في سوريا. وقالت مندوبة الولايات المتحدة إن واشنطن لم تؤيد الضربات الإسرائيلية، داعيةً إلى “حوار بناء بين جميع الأطراف”. أما المندوب الفرنسي فشدد على ضرورة “بناء دولة سورية جامعة”، داعيًا إسرائيل إلى الامتناع عن “الأفعال التي تزعزع الاستقرار”.

من جهته، قال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك إن بلاده “تدين الاعتداءات الإسرائيلية التي تشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي”، مؤكداً أن القيادة السورية “اتخذت قرارات سيادية دقيقة” حفاظاً على وحدة البلاد.

كما دانت دول عربية، بينها السعودية والأردن وممثل المجموعة العربية، الغارات الإسرائيلية على سوريا، معتبرةً أنها تهدف إلى “زرع الفوضى وتقويض الاستقرار”. وأكدت تركيا بدورها أن الاعتداءات الإسرائيلية “تهدد مسار الاستقرار” في البلاد.

حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري من أن سوريا تواجه حلقة أخرى من العنف تعرض مسيرتها نحو انتقال سياسي سلمي، موثوق، منظم، وشامل للخطر.

جاء ذلك خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن، مساء اليوم الخميس، بطلب من سوريا في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضيها. وقد أيدت الجزائر والصومال عقد الاجتماع.

وفي إحاطته أمام الاجتماع، أشار خياري إلى تطور عمليات الاختطاف المتبادلة في محافظة السويداء – ذات الأغلبية الدرزية في جنوب سوريا – إلى اشتباكات مسلحة بين قبائل بدوية وجماعات مسلحة درزية محلية، ثم نشر السلطات السورية قوات أمنية بهدف وقف الاشتباكات، وما تلا ذلك من قتال أسفر عن سقوط مئات الضحايا في صفوف قوات الأمن التابعة لدمشق والمقاتلين الدروز.

ونقل خياري عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المدنيين المحاصرين في خضم العنف المستمر يواجهون مخاطر جسيمة، مع نزوح أعداد كبيرة وتقارير عن أضرار لحقت بالبنية التحتية الحيوية.

وقال المسؤول الأممي: “أكرر إدانة الأمين العام القاطعة لجميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك جميع الأعمال التي تؤجج التوترات الطائفية وتحرم الشعب السوري من فرصة السلام والمصالحة بعد 14 عاما من الصراع الوحشي”.

وأفاد بأنه أحيط علما ببيان مكتب الرئاسة السورية الذي يدين الانتهاكات ويلتزم بالتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها، مناشدا السلطات السورية “ضمان شفافية هذا التحقيق وتوافقه مع المعايير الدولية، وسرعة إنجازه”.

وحث جميع الأطراف على الحرص الدائم على حماية المدنيين، بما في ذلك السماح لهم بالتنقل بحرية بحثا عن الأمان والمساعدة الطبية، فضلا عن حماية البنية التحتية.