أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون عن القلق إزاء مسار الأحداث في سوريا وعدم إحراز أي تقدم لعكس مسارها، منبها إلى أنه بعد 13 عاما من الصراع فإن الواقع المأساوي هو أن التطورات كلها تسير في الاتجاه الخاطئ بما في ذلك في المجالات الأمنية والإنسانية والاقتصادية والسياسية وحقوق الإنسان.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا، استمع خلاله إلى إفادتين حول التطورات السياسية والأوضاع الإنسانية من المبعوث الخاص للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالتزامن مع الذكرى السنوية لاندلاع الثورة السورية.

وفي إحاطته أمام المجلس أكد بيدرسون أنه لا يوجد طريق عسكري لإيجاد حلول للتحديات التي لا تعد ولا تحصى، “ولن يتمكن من تحقيق هذه الغاية سوى الحل السياسي الشامل”. وقال “بعد 13 عاما، لا يزال الصراع مستمرا”، مشيرا إلى العنف الشديد على العديد من الجبهات، وامتداده على المستوى الإقليمي. 

ودعا إلى البناء على ترتيبات وقف إطلاق النار الحالية والسعي إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، فضلا عن حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتماشي الإجراءات ضد الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن بشكل صارم مع القانون الدولي الإنساني.

مخاوف من العودة

وتحدث المبعوث الخاص إلى سوريا عن استمرار ورود تقارير مقلقة عن الاعتقالات التعسفية والاختطاف، فضلا عن التعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، في أماكن الاحتجاز في عدة أجزاء من سوريا.

وقال إن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف شخص محتجزون تعسفيا أو مختفون قسريا أو مفقودون، منبها إلى عدم وجود أي تقدم بشأن عمليات إطلاق سراح على نطاق واسع، أو توافر معلومات حول مصير المفقودين وأماكن وجودهم، والوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز.

وأوضح أن نصف عدد السكان قبل الحرب مازالوا يعانون من التشرد أو المنفى لأكثر من عقد من الزمن في العديد من الحالات، قائلا “إنهم لا يعودون بأعداد كبيرة، وعندما يُسألون عن السبب، فإنهم يشيرون إلى مخاوف تتعلق بالحماية وسبل العيش، ومن الواضح أنه لا يتم التعامل مع هذه المخاوف بشكل كاف”.

وأفاد أيضا بإبلاغ ناشطات في مجال حقوق المرأة في سوريا عن تزايد المضايقات والتهديدات بالعنف الجسدي. وأشار كذلك إلى أنه بعد مرور 13 عاما، لا يزال المتظاهرون يخرجون إلى الشوارع في بعض المناطق للتعبير عن المظالم التي لم تتم معالجتها، بما في ذلك هذا الشهر في شمال سوريا ودرعا. 

ستة جيوش في سوريا

وقال بيدرسون إن السوريين ينقسمون عبر مناطق السيطرة حيث تنشط ستة جيوش أجنبية علاوة على عدد كبير من الجهات المسلحة بالإضافة إلى الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن. 

وأضاف أنه “كلما طال أمد هذا الوضع الراهن، كلما أخشى أن تنجرف المناطق المختلفة إلى مزيد من التباعد، مما يؤدي إلى تعميق التحديات التي تواجه استعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها”.

وأكد بيدرسون أن هناك قلقا عميقا بين السوريين بشأن تأثير تقسيم سوريا تحت سلطات مختلفة لمدة جيل كامل تقريبا، مضيفا “إننا نسمع مطالب قوية بوقف الأعمال العدائية وتوفير الحماية للمدنيين وتحقيق الاستقرار وتوفير سبل العيش وفرص التعليم”.

وقال المبعوث الأممي إن “المستقبل السياسي لسوريا هو الذي يقرره السوريون”، لكن الخروج من الأزمة يحتاج أيضا إلى مساهمات الجهات الدولية الفاعلة التي تلعب دورا كبيرا في سوريا اليوم، وتنازلات من جميع اللاعبين السوريين والدوليين.

وشدد بيدرسون على الحاجة إلى محادثات تحضيرية لليوم الذي يصبح فيه كل هؤلاء اللاعبين الرئيسيين على استعداد للعمل على التوصل إلى تسوية شاملة عبر مجموعة كاملة من المسارات المترابطة. وأشار إلى أن السنوات الأخيرة من الدبلوماسية تظهر أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة أن تقترب بمفردها من حل هذه الأزمة. 

وأضاف “كلما سارع جميع اللاعبين إلى قبول ذلك وأصبحوا مستعدين للجلوس إلى الطاولة، كان ذلك أفضل للشعب السوري المتعب الذي طالت معاناته، وكلما اقتربنا من تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254”.