اضطر خالد العيسى (40 عاماً) من سكان قرية كديران 30 كم غربي الرقة، شمالي سوريا، إلى تأجير أرضه الواقعة على الجهة الشمالية لقناة “البليخ” بثمن زهيد لصعوبة الوصول إليها بعد تدمير الجسور الواقعة على القناة خلال معارك القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ودمرت معظم الجسور على قناة “البليخ” التي تستجر مياهها من بحيرة سد الفرات، مرورا بريف الرقة، لتصل إلى جزرة البو حميد بريف دير الزور الغربي على امتداد 180كم، أثناء الحملة العسكرية ضد التنظيم في الرقة، ما أعاق حركة تنقل السكان بين طرفي القناة.
ويضطر “العيسى” لدفع مبلغ 20 ألف ليرة سورية أجرة سيارة تقله إلى أرضه التي تقع في الجهة الأخرى من القناة، في كل مرة يحتاج الوصول إليها.
وخرج جسرا سحل الخشب ومزرعة اليمامة، عن الخدمة منذ بداية عام 2017 ما زاد من معاناة سكان قرى (مزرعة اليمامة، سحل الخشب، كديران، بئر العجيل والشارة) من الوصول إلى أراضيهم الزراعية الواقعة في الجهة الشمالية لقناة ري البليخ.
وتقع القرى آنفة الذكر على مسافة من 30 كم إلى 40 كم غرب مدنية الرقة، وأقرب مسافة منها إلى بعضها ما يقارب 7 كم.
واستخدم بعض المزارعين في تلك القرى “العبارات” للوصول إلى أراضيهم إلا أن احتوائها على مخلفات الحرب وتفجير بعضها جعلها مسلكاً غير آمن.
و”العبّارة” نفق ضيق يبنى في أماكن الأودية تحت قنوات الري والطرقات، لمرور مياه الأمطار والفيضانات في الشتاء عبرها، وهي لا تتسع لمرور الآليات.
وكان “العيسى” الأب لثمانية أطفال، أحد ضحايا تلك المخلفات، حيث فقد إحدى ساقيه، وكُسرت الأخرى نتيجة انفجار لغم أرضي به، بينما كان يحاول الوصول إلى أرضه من خلال إحدى “العبّارات” أسفل قناة البليخ.
وبحسب إحصائيات مجلس الرقة المدني لعام 2021 بلغ عدد سكان قرى مزرعة اليمامة، وسحل الخشب، وكديران، وبر العجيل، والشارة، ما يقارب 20 ألف نسمة وتربط هذه الجسور القرى بمدينة الطبقة وقرى السويدية والوديان المجاورة.
وبات على سكان المنطقة أن يسلكوا طرقاً ترابية تكلفهم الجهد والوقت ومصاريف مضاعفة لتأمين احتياجاتهم، وكذلك مواد التجارة ونقل محاصيلهم الزراعية.
وهناك عشرات الحالات المشابهة لحالة “العيسى” لكن صعوبة وضعه كانت من معاناته النفسية لفقدانه لساقه.
ويوجد في مدينة الرقة وريفها 130 جسراً دُمر منها 60 جسراً بشكل كلي أو جزئي جراء قصف قوات التحالف الدولي أو بفعل مفخخات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بحسب لجنة الخدمات الفنية في مجلس الرقة المدني.
في حين أعاد مجلس الرقة المدني بالتنسيق مع المنظمات العاملة في المنطقة في بناء وترميم الجزء الأكبر من تلك الجسور بنسبة تصل إلى 85 بالمئة من مجمل الجسور.
تجاهل شكاوى
ويشكو سكان المنطقة من تجاهل المجلس المدني للرقة طلباتهم المتكررة، لإعادة بناء جسري “سحل الخشب” و”مزرعة اليمامة” على الرغم من أهمية هذين الجسرين في ربط المناطق ببعضها البعض ولأنها تخفف من معاناة السكان في الوصول للجهة المقابلة.
وبحسب “العيسى”، فإن المجلس المدني “يتذرع بشكل دائم بعدم توفر التمويل الكافي للبناء”.
ويقترح أحمد الموسى (33 عاماً) وهو مالك لقطعة أرض في منطقة السوسحلي، على المجلس المدني في الرقة وضع جسر حديديّ مؤقت كباقي المناطق كحلٍ إسعافيّ، “حتى نستطيع زراعة أراضينا في الموسم الشتوي ولا نضطرُّ لتأجيرها أو بيعها”.
ويرى “الموسى” أنه حتى لو كانت تلك الجسور الحديدية لا تصلح لعبور الشاحنات والأوزان الثقيلة ولا تلبي احتياجات السكان لكنه يبقى حلاً إسعافياً.
وتعد الجسور صلة الوصل وشريان الحياة بين المناطق كافةً لأهميتها في التنقل بين منطقةٍ وأخرى، بُنيت الجسور للتغلب على العوائق الطبيعية والمصطنعة بين الوديان والجبال وعلى الأنهار وقنوات الريّ واختصاراً للمسافات الطويلة وتوفيراً للوقت.
و اكتفى رئيس بلدية قرية كديران حسان الضيف بقوله إنه “سيتم إدراج إعادة ترميم وإعمار الجسور المدمرة ضمن خطة العمل لعام 2022”.