• محمد الحسون


تابعنا الاحتجاجات الشعبية لسكان الرقة لمطالبة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) و “آساييش” الكردية بمحاسبة المجرمين الأربعة الذين أعلنت اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في “جريمة نكراء” راح ضحيتها امرأة حامل وطفلتها داخل منزلهما، وهو مكان يفترض أن يكون الأكثر أمنا لهما.

جاءت هذه الاحتجاجات بعد نداء استغاثة من الزوج وصاحب المنزل “أحمد الزورو” طالب فيه أهالي الرقة للوقوف معه لأخذ حقه، رغم محاولة “قسد” ووجهاء العشائر الموالين للإدارة الذاتية الكردية ثنيته عن الأمر والضغط عليه لسحب دعوده للناس إلى التجمع في دوار النعيم وسط المدينة، التي خرجت عن السيطرة نتيجة اندفاع المحتجين في الشوارع واقتحامهم بعض المقرات للقوات الكردية.

رغم هذه المظاهرات الحاشدة التي فرقها عناصر “آساييش” و”قسد” بالرصاص في شارع سكة القطار قرب سجن الأحداث، حاولت “أساييش” التقليل من أهميتها وقالت: إنهم نحو 100 شخص أثاروا الشغب “تحت حجة قضية قتل المرأة نورة الأحمد و طفلتها ذات الثمانية أعوام و قاموا بمهاجمة مبنى المحكمة وتخريبه و حرقه”.

وعلى أساس اعتقال ثمانية متظاهرين، يمكن القول إن المسؤولين الأكراد يتعاملون باستخفاف مع مطالب الشارع الغاضب من فعل “شنيع” غرب عن البيئة العربية- العشائرية، وهذا مؤشر على محاولتها المماطلة لترتيب مخرج لها من مأزق “قيادة عنصر من وحدات حماية الشعب العصابة المجرمة” داخل المنزل المنكوب في حي “المشلب” شرقي المدينة.

هذه الحادثة المأساوية المتمثلة بمقتل راما أحمد الزورو 8 أعوام وأمها نورا الأحمد 25 عاما، سبقت بحوادث أخرى راح ضحيتها أطفال منهم: شهد وخليل، وهي تذكير مفجع بالأثر المدمر للعنف على حياة الأبرياء.

لقد سلب من هؤلاء الأطفال الصغار مستقبلهم، وتركت أسرهم في بحر عميق من الحزن يخشى سكان الرقة من الغرق فيه إلى الابد مع زيادة معدلات الجريمة وانتشار ظواهر تعاطي المخدرات والسرقة والاحتيال.

من الأهمية بمكان أن نتخذ إجراءات لحماية الأطفال من العنف ومحاسبة الجناة على أعمالهم، ليحصل الأطفال على حقهم في أن يكبروا في بيئة آمنة، خالية من الخوف والأذى، لذا من المهم أن يتخذ النظام القانوني الموجود إجراءات سريعة ضد أولئك الذين يرتكبون جرائم ضد الأطفال.

ويجب أن يشمل التحقيق في قضايا إساءة معاملة الأطفال ومقاضاة مرتكبيها حتى لو كانوا أعضاء في القوات العسكرية أو مسؤولين في “الإدارة الذاتية”، مع فرض عقوبات صارمة على من تثبت إدانتهم، بهد إرسال رسالة مفادها أنه لن يتم التسامح مع الجرائم المرتكبة ضد الأطفال إلا من خلال استجابة قانونية قوية تتناسب مع الاستجابة الشعبية التي خبرناها بشوارع الرقة.

هذا الحدث الصادم يشير إلى الضغط الذي تمارسه القوات الكردية على المدنيين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الجزيرة السورية، ويثبت أهمية التضامن مع العائلات الذين فقدوا أطفالهم وأهاليهم في هذه الجرائم المفجعة.

إذا كانت الإدارة الكردية تقول بوجود قوانين لديها، ووصفت المحتجين بالمخربين والمشاغبين نتيجة ” حرق مبنى المحكمة ” يجب عليها تطبيق العدالة وهي مطالبة بالمعاقبة الصارمة للجناة الذين يرتكبون هذه الجرائم الشنيعة.

يجب عليها أيضا العناية بالأطفال الذين يعيشون في هذه المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها المدعومة أمريكيا، وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم للحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية، وتفعيل شعارات حقوق المرأة وتحريرها، فالإدارة الذاتية أكثر من يجتر هذه الشعارات يوميا.

وفي الختام، يجب أن نتكاتف كمجتمع لحماية الأطفال من العنف ومحاسبة الجناة، كما حصل في الرقة ظهر الأحد، لمنع سلطات الأمر الواقع من حماية المجرمين، فيجب أن تكون حياة شهد، وخليل، وراما وأمها الحامل بمثابة تذكير بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لحماية حياة جميع الأطفال في مجتمعنا السوري، الذي يواجه مرحلة خطيرة من انهيار القيم ولأخلاق.