طرطوس القديمة، المرفأ الشهير على البحر المتوسط بحركته التجارية، تشهد صخورها على عراقة ماضيها وعظمته، إلى جانب أطلال شامخة تحدت الزمن والطبيعة لتختزن ذاكرة الماضي والحاضر ومسرح حكايات صيادي جزيرة “أرواد” .
هذه، العظمة والأرت التليد، لم يشفع لها عند المسؤولين المصرين على تغييره ونسف ذاكرة السوريين وتحويلها لاستثمارات مشبوهة لها انعكاسات على التاريخ والحضارة .
فالشاهد الحي بناء البرج المتقدم الواقع على ساحل المدينة، ويعرف لدى سكان طرطوس القديمة باسم “الطاحونة القديمة”، وهو بناء ارتبط بذاكرة أبناء المدينة القديمة والصيادين له جماليته، وكان مكان لتخزين الحبوب وسوق للسمك ومكان لتجمع العامة والتجارة..!
رغم هذا لم يكترث مسؤولو مديرية آثار حكومة النظام لأهميته، فشرعوا بالتنازل عن الأبنية الأثرية وبيعها للمستثمرين، وأخطر من ذلك هو إبعاد سكان المدينة القديمة بطرطوس عن الواجهة البحرية ومركز المدينة القديمة، والسيطرة على المنطقة لحساب استثمارات لشخصيات مرتبطة بالنظام ورموز!
وجرى تجاهل صرخات وأصوات أبناء المدينة القديمة للحفاظ على مدينتهم سابقا، وحاليا جاء دور “بناء الطاحونة القديمة” ووافقت مديرية الآثار بحكومة النظام برقم 868 والدور الأكبر لمدير دائرة آثار طرطوس.
فبدأ المشهد السريالي بإزالة الطاحونة الخشبية عن سطح البرج .. وشاحنات ضخمة تقوم بترحيل أحجار قديمة من البناء على أنها انقاض إضافة لتغيير لمعالم البناء لتحويله لمطعم وبار!
وبدأت عمليات الإنشاءات الإسمنتية في البناء لتجهيز صالات المطعم وتركيب سرميك على الجدران القديمة لتجهيز المطابخ ، وإحداث ثقوب في البناء لأجل التمديدات وتركيب واجهات بلورية وتغيير عام لموصفات البناء التاريخي لحساب الاستثمار؟!
وكل هذا يشكل مخالفات كبيرة لقانون الآثار السورية المفترض أنها تصل لحد محاكمات قضائية وسجن لو كان طبق قانون الآثار بحق هذه الاستثمارات الفاسدة !!
والنتيجة سيكون مطعم وبار وكافتيريا “تورسا طرطوس ” وصحن كبير لمستقبل فضائي على سطح البناء وأجهزة تكييف معلقة على جدرانه، إذن بناء أثري استبيح وقانون آثاري رمي بسلة نفايات مطعم طروسا طرطوس.
وأما القبر الطائفي زرعه حافظ الأسد بالقرب من برجع الطاحونة فمن يجرؤ على الاقتراب منه ؟؟؟!
بعد كل هذا ، مدير المباني الأثرية نظير عوض والذي منح الموافقة لحاذا التحوير للأبنية مع مدير آثار طرطوس أمسى اليوم مديراً عاماً للآثار والمتاحف بعد أن فرط بموقع “عمريت” أيضا.
وحاليا، هؤلاء ينتظرون أموال إعادة إعمار التراث السوري وبرعاية الأمانة السورية والتنمية وبدعم منظمة اليونيسكو الدولية.