محمد الحسون

في الشهر الأخير من العام المنصرم، عقد نظام بشار الأسد وإيران اجتماعين كبيرين في الميادين والبوكمال شرق دير الزور، ولم يركز الإعلام على الاجتماع العشائري وانشغل باحتفال الإيرانيين بمرور عام على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

ورغم اختلاق المناسبتين واختلاف صبغتهما، فهما تتفقان على توجيه رسالة للولايات المتحدة وحلفائها بأن الأسد وإيران عازمان على استرداد مواطن الثروة النفطية والزراعية مع استشعارهما بخطر اغلاق ممر “البوكمال” إثر زيارة قائد عسكري أمريكي كبير هو الأدميرال “بيير أولسون” قائد بعثة الناتو لقاعدة التنف وقواعد التحالف في الحسكة.


انشغلت القنوات والوسائل الإعلامية الرسمية باجتماع الميادين لإيهام الناس أن العشائر تقف “خلف بشار الأسد وجيشه”، مستغلة حضور شخصيات كانت في صفوف المعارضة السورية وأخرى مقربة من تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، بينما صبت وسائل الإعلام الإيرانية اهتمامها على اجتماع البوكمال لتسويق “قاسم سليماني” كـ “بطل” ونسج قصص حول وجوده في المنطقة إحداها تقول: إنه كتب رسالة اعتذار من صاحب منزل لإقامته فيه، لكن هذه العدسات لم تجد البيت الذي دمره القصف الجوي، وأبلغهم شقيق صاحب المنزل ويدعى “عبد الله” إن أخيه “صدام” هو صاحب المنزل.

ونصبت الميليشيات الشيعية وسط إحدى الساحات بالبوكمال صورة كبيرة لسليماني بحجة أنها أول مكان ظهر فيه ولا يستبعد بناء مزار شيعي للقائد الايراني في المدينة الحدودية لتوظيف الدين في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة وهو الحفاظ على الطريق من طهران إلى بغداد نحو دمشق وبيروت مفتوحا.

ويدرك السفيري الإيراني جواد ترك آبادي رمزية إطلاق تهديداته بمحاسبة قاتلي سليماني من البوكمال بالتحديد لوقوعها بين منطقتي نفوذ للأمريكيين في البادية والجزيرة السورية، وسط استقدام التحالف الدولي تعزيزات غير مسبوقة بينها صواريخ أرض- أرض – حسب وسائل إعلام قسد- وهذا يؤكد استعداده لمعركة ما.

هذا عدا عن تنفيذ مناورات قوات التحالف الدولي و فصيل مغاوير الثورة استخدم فيها المنظومة الصاروخية الأميركية المتطورة (HIMARS) وقذائف الهاون المضيئة بمنطقة التنف الحدودية.

ويمكن القول إن ضعف التغطية الإعلامية الواعية لهذه الاجتماعات والتهديدات التي تنفذ على الأرض على شكل اغتيالات مع انشغال إعلام الثورة السورية بهجمات شنها تنظيم تصنفه واشنطن ضمن قوائم الإرهاب ينطوى على مخاطر التركيز ما يفيد نظام دمشق الذي يظهر كضحية للإرهاب الذي يهدد الطرق الرئيسية التي هي شرايين الحياة الناقلة للمحروقات والقمح من مناطق قسد شرقي البلاد إلى مناطق نفوذ بشار الأسد غربيها.

لذا يجب أن تحظى مخططات إيران بالمنطقة الشرقية بإلقاء الضوء المناسب عليها وإفشالها قبل أن تشرع بتسويقها في مناطق ودول أخرى استنادا لاقتراحها على أفغانستان استخدام ميليشيا فاطميون الشيعية والتي يصل تعداد عناصرها إلى 20 ألفا بالحرب ضد التنظيمات المناضة للحكومة الحالية مدعية فعاليتها في سوريا وكأنها شركة عسكرية.

وفي الختام على فصائل الثورة السورية المدعومة أمريكيا الدفع نحو انتزاع البوكمال من يد الإيرانيين لقطع الطريق على طهران وعدم البقاء في جزيرة معزولة في الصحراء لذا فمعركة استعادة البوكمال حتمية للحصول على ورقة ضغط فعالة في إنهاء الدور الإيراني وبالتالي تسريع عملية رحيل بشار الأسد عن سدة الحكم في البلاد أو سقوطه.