خلال عملي على إعداد تحقيق صحفي حول التعليم في تل أبيض ورأس العين وجدت أن الاقبال ضعيف على التعليم الثانوي، بينما ذهب مئات الطلاب من المنطقتين إلى الرقة والحسكة لتقديم الامتحانات العامة متكبدين العناء والمصاريف الكبيرة.
وحسب بيانات الأمم المتحدة والصليب الأحمر وصل أكثر من 8 آلاف طالب إلى مناطق سيطرة النظام السوري بحلب والرقة والحسكة من أجل الامتحانات الثانوية والتاسع قادمين من مناطق سيطرة القوات الكردية والجيش الوطني، بحثا عن شهادة معترف بها “تضمن المستقبل”!
رغبة الحصول على شهادة معترف بها وضعف الكوادر ساهمت برفع نسبة التسرب من المدارس برأس العين وتل أبيض إلى جانب عوامل أخرى كالفقر وغموض مستقبل الطالب، ما دفع ذوي الطلاب إلى دفعهم للعمل كعمال زراعيين في الحقول ومحلات التصليح لكسب مهنة في المدن، نظرا لعدم وجود قوانين نافذة تمنع “عمالة الأطفال” أو تشغيلهم في سن مبكر.
ولا يتجاوز عدد طلاب الثانوية 100 طالب يتقدمون يتقدمون للحصول على شهادة المجلس المحلي برأس العين وأقل من ذلك يتقدمون للحصول على شهادة الحكومة السوية المؤقتة التي افتتحت مركزا لها في معبر تل أبيض، التي بدورها لا يتجاوز عدد طلابها 145 طالبا بكلوريا و85 تاسع بالنسبة لشهادة الحكومة وأقل من ذلك بالنسبة للمجلس.
هذه الأرقام القليلة للطلاب المسجلين في الثانوية والتاسع تكشف بوضوح الصورة الكئيبة للتعليم في رأس العين وتل أبيض.
إذنً، ما السبب وراء هذا التدهور في العملية التعليمية؟!
وكيف يمكن إنقاذ قطاع التعليم؟!
التعليم في المنطقة يكافح منذ سنوات، حيث يتضح أن هناك عدم كفاية في الكوادر التعليمية وضعف في التنظيم المدرسي.
تشير تقارير لمنظمة ACU ومنظمات تعتمد عليها لإصدار تقاريرها إلى أن العديد من المدارس يديرها معلمون غير مؤهلين، مما يؤثر بشكل كبير على جودة التعليم المقدم، هذه الظروف تدفع العديد من الأسر إلى اتخاذ قرارات صعبة، مثل توقف أبنائهم عن الدراسة والتوجه إلى سوق العمل في سن مبكرة، حيث يتعرضون لخطر الاستغلال والعمل في ظروف غير مناسبة.
الفقر هو عامل آخر يسهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة، حيث يجد الأطفال أنفسهم مضطرين للعمل لمساعدة عائلاتهم في الحصول على لقمة العيش اليومية، خاصة مع عدم وضوح الرؤية للمستقبل الدراسي، فبدلاً من الانغماس في عالم الكتب والقلم، يجد الطلاب أنفسهم في حقول الكمون والفول والقطن، أو حتى في ورش الصيانة، حيث ينقطعون عن التعليم بشكل نهائي.
منطقة رأس العين وتل أبيض تحتاج إلى تدخل عاجل وفعال لإعادة بناء نظامها التعليمي، إضافة إلى ذلك، تفتقر المنطقة إلى قوانين صارمة تنظم عمالة الأطفال، مما يجعل التشغيل في سن مبكرة أمرًا شائعًا ومقبولًا، مما يزيد من حجم المشكلة التعليمية ويعقدها أكثر.
هناك حاجة ملحة لتوفير المزيد من الكوادر التعليمية المؤهلة وتحسين بنية المدارس، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على عمالة الأطفال وتطبيق القوانين الدولية في هذا الصدد وتمكين طلاب الثانوية من الوصول إلى التعليم الجامعي، من خلال هذه الخطوات، نأمل في إعادة بناء جسور التعليم وتمهيد الطريق لمستقبل أفضل وأكثر إشراقًا لأجيالنا القادمة.
