شهدت محافظات الساحل السوري، لا سيما اللاذقية وطرطوس، تصعيدًا أمنيًا كبيرًا خلال الساعات الماضية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن العام مدعومة بوحدات من وزارة الدفاع، وبين مجموعات مسلحة تابعة لما يُعرف بـ”فلول النظام السابق”، وفقًا لتصريحات رسمية سورية.
هجمات منسقة وكمائن مسلحة
أكد مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، أن الهجمات التي شنتها تلك المجموعات كانت “مدروسة ومعدة مسبقًا”، واستهدفت نقاطًا أمنية وحواجز في جبلة وريفها، ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمنية. كما أشار إلى أن المباني الحكومية والممتلكات العامة لم تسلم من عمليات التخريب.
من جهتها، أفادت مصادر أمنية لقناة الجزيرة بأن أحد أبرز الهجمات وقع على طريق بانياس في ريف طرطوس، حيث استهدفت قوة أمنية بكمين مسلح، ما أسفر عن مقتل 15 عنصرًا من الأمن العام.
مع تزايد الهجمات، أعلنت وزارة الداخلية استنفارًا عامًا في الساحل السوري، كما تم إرسال تعزيزات عسكرية من وزارة الدفاع لدعم القوات الأمنية. وأفادت تقارير بأن وحدات من إدارات العمليات العسكرية في إدلب وحماة وحمص وحلب تحركت باتجاه مناطق الاشتباك.
وفي تطور لافت، فرضت السلطات الأمنية في حمص واللاذقية حظر تجوال عام خلال الليل، في محاولة لضبط الأوضاع.
جهات مسلحة تعلن مسؤوليتها عن العمليات
على الجانب الآخر، تبنت عدة مجموعات مسلحة الهجمات، من بينها “لواء درع الساحل”، الذي نشر عبر قنواته الإعلامية بيانًا عسكريًا أعلن فيه “النفير العام في المدن الساحلية”، مؤكداً السيطرة على عدة مواقع، بما في ذلك مناطق في ريف طرطوس. كما تحدثت تسجيلات مصورة عن “أسر عدد من عناصر الأمن والجيش”.
وبث عناصره فيديوهات لسيطرتهم على مروحيات ومدافع وأعلنوا أسر 37 عنصرا من القوات الأمنية، موجهين رسائل إلى مناطق شرق الفرات والسويداء للتحرك ضد الحكم الجديد في سوريا.
وأشارت ميليشيا “لواء الجبل” إلى سيطرة هذه الميلشيات على كافة النقاط الحدودية مع لبنان وعلى محور حمص طرطوس في خربة التين وحديدة وتلكلخ وأرزونه والمطار، ما يشي بدخول عناصر مرتبطة بحزب الله من الأراضي اللبناني.
بدورها، “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا – أولي البأس”، ووهي تشكيل مرتبط بإيران ويرفع شعار مستنسخ من شعار حزب الله، أصدرت بيانات متكررة أعلنت فيها مسؤوليتها عن استهداف قوات الحكومة السورية الجدية، كما أفادت بمشاركة مقاتليها في عمليات السيطرة على مواقع أمنية وعسكرية في الساحل.
قال المتحدث باسم ميليشيا “أولي البأس” إنها : “انتفاضة ضد الحكم الإرهابي المتصهين”، على حد زعمه، داعيا للانتفاضة ضد ما سماها “سلطة الوصاية وشرعن الاحتلال”.
كما أصدر المجلس الإسلامي العلوي بيانًا أعرب فيه عن قلقه من استهداف أبناء الطائفة العلوية، مطالبًا بتدخل دولي، خاصة من روسيا، لحمايتهم من خطر “الإبادة الجماعية”، على حد وصفه محذرا “الطائفة السنية” في الساحل وطالبهم بالتزام منازلهم حتى لا يجري استهدافهم.

البيان الأول

البيان الثاني
احتمالات التصعيد
في مواجهة هذه التطورات، شددت وزارة الداخلية وقيادة العمليات الأمنية في اللاذقية وطرطوس على أنها “لن تسمح بفرض أي واقع خارج سلطة الدولة”، مؤكدة أن العمليات العسكرية الجارية تهدف إلى “إعادة الاستقرار ومنع أي محاولات لزعزعة الأمن”.
يبدو أن الساحل السوري دخل مرحلة جديدة من الاضطرابات، مع استمرار المواجهات بين القوات الأمنية والمجموعات المسلحة. ومع تأكيد الأطراف المختلفة على تمسكها بمواقفها، يُطرح تساؤل حول إمكانية توسع العمليات العسكرية في الأيام المقبلة، خاصة في ظل الحديث توغل للقوات الإسرائيلية بالجنوب وتنسيق مجلس السويداء مع قسد و بقايا قوات النظام بالساحل لقيادة تمرد مسلح ضد أحمد الشرع بدعم أمريكي – إسرائيلي، مع رفض الإدارة الأمريكية المقترح من خلدون الهجري، وفق صحيفة الجمهورية نت.
في ظل هذه التطورات المتسارعة، تبقى الأوضاع في الساحل السوري مفتوحة على احتمالات متعددة، بين فرض الدولة سيطرتها أو انزلاق المنطقة إلى نزاع أوسع قد يكون له تداعيات خطيرة على المشهد السوري بأكمله في حلب والشرق السوري.
كما تم الإعلان في بيان يحمل تاريخ 6 مارس 2025 عن تأسيس المجلس العسكري لتحرير سوريا بقيادة العميد الركن المجاز غياث سليمان دلا بعد هذه الهجمات التي انكسرت فجرا.