تحتفظ بعض العائلات في قرى الحسكة بالرحى رغم قلة استخدامها لطحن الحبوب بعد ظهور المطاحن الحجرية الكبيرة ثم الكهربائية.



والرحى، هي عبارة عن حجر دائري الشكل مكون من طبقتين منعزلتين عن بعضهما البعض ثابتة على الأرض لها محور خشبي أو حديدي ومتحركة يثبت عليها قطعة خشب بهدف تسهيل تحريكها وجعلها تدور لتطحن الحبوب بين شقيها السفلي والعلوي بعد سكبها من فتحة الشق العلوي.




لم يمنع توفر الأجهزة الكهربائية الحديثة الحاجة “أم محمد” (60 عاما) من الاستعانة بحجر الرحى لطحن بعض الحبوب والملح، فالرحى كما جزء مهم من حياتها، فمنذ صباها تعلمت كيف تستيقظ كل صباح لتضع القمح في قلب الرحى وتدير الحجر العلوي حول محور مثبت بالحجر السفلي بكلتا يديها.

وتقول “أم محمد” أن العمل على الرحى ليس مجرد تحضير للبرغل أو الطحين اللازم للطعام، إنما هو أسلوب حياة اعتادت عليه سنين طوال أمضت جزءاً كبيراً منها قرب الرحى، تطحن البرغل والعدس والملح, تعتبرها ذكريات جميلة.

تتذكر السيدة كيف كانت النسوة يجتمعن حول الرحى وتجلب كل واحدة منهن ما تريد طحنه في اطار تجمع يصبح مناسبة لتبادل الحديث وإشاعة جو من الألفة تفتقده كثيراً هذه الأيام، وكأن رحى الزمن عجزت عن طحن هذه الذكريات لديها.


ويؤكد زوجها الحاج “أبو محمد” (70 عاما) أن الرحى ما زالت مستخدمة على نطاق ضيق بسبب كثرة الأدوات الكهربائية الحديثة، مبينا أن حجر الرحى كان يرمز عند أبناء الجيل الماضي إلى الثراء والرغبة في تقديم خدمة مجانية لأهل الحي,

وكانت من يمتلك حجر الرحى في بيت تضع في ساحة البيت ليستعمله الجيران، وهو دليل كرم وحب لفعل الخير.

ويعلن عنها بالمجالس ان بيت فلان من الناس لديه “رحى” سبيل مهيأة دائماً لكل من يحتاجها وعادة ما تتردد النساء على البيت صاحبة الرحى، ف تساعدهن وتعد الطعام.

أحياناً كثيرة كانت بعض النسوة تغني بعض الأغاني إضافة إلى تبادل الحديث بين النساء عن الخطبة والزواج وكثير من مواضيع وقصص حياتهن اليومية، بعد مد بساط نظيف ويضعن حجري الرحى عليه وبعد وضع كمية من القمح بالفتحة يدرن الشق العلوي لبدء عملية الجرش أو الطحن نتيجة احتكاك الأحجار مع بعضها البعض فتسحق الحبوب بينها.

وساهم باختفائها ظهور “الجاروشة” المتنقلة والتي تعمل على الجرارات الصغيرة هذا عدا عن انتشار المطاحن الحديثة الكهربائية في الأرياف.

وحجر الرحى، بات جزءا من تراث الريف بالحسكة يستخدم في بعض الأحيان كديكور في المعارض الشعبية على ندرتها بما يوازي مرات استخدامها في طحن الحبوب والملح حاليا.