دجلة نت – محمد الشيخ علي
يصادف اليوم الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية طلبا للحرية والديمقراطية والكرامة سلميا واستمرت لأشهر لكن نظام بشار الأسد بطش بطلابها ورد بالحديد والنار ما ردفع السوريين لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.
وتشكل الجيش الحر من فصائل من الثوار لمواجهة قوات النظام وبعدها بدأت تظهر الفصائل الإسلامية بنتيجة اطلاق نظام الأسد قيادات من تيارات معينة بداية الثورة وروج لإقامة إمارات لتخويف المجتمع الدولي من انهيار جيشه وحقق أكبر مكاسبه حين هاجمت الفصائل الإسلامية فصائل الجيش الحر.
وبلغ الصدام الجانبي ذروته عندما شرع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش ) ربيع 2014 بالسيطرة على مناطق الثوار من دير الزور والحسكة شرقا حتى أرياف حلب وإدلب غربا، كما هاجمت جبهة النصرة سابقا(هيئة تحرير الشام) فصائل الجيش الحر في إدلب.
هذه الفصائل الإسلامية المتشددة قدمت خدمة كبيرة لنظام الأسد لتأكيد ما روج له من أكاذيب حول الثورة السورية.
وساندت إيران و”حزب الله” ذراعها في لبنان بشار الأسد في قمع الثورة منذ انطلاقها حين أكد أهالي إنخل وعموم درعا استهداف القنّاصين الإيرانيين للمتظاهرين خلال تشييع ضحايا القمع، فيما بقيت روسيا الداعم الأكبر حتى تدخلت عسكريا بشكل مباشر في 2015 إثر تهديد فصائل الثورة مسقط رأس الأسد بالساحل السوري.
كما استخدم نظام دمشق الوحدات الكردية لإغلاق الحدود الشمالية بهدف خنق الثورة وتهديد تركيا أكبر رئة تنفست من خلالها ثورة السوريين لتقوى على الاستمرار، وأهم الفوائد التي جناها هي تحييد الأكراد عن ساحة الصراع، لكن تركيا أدركت مقاصد الأسد فتدخلت عسكريا غرب الفرات وشرقه.
ومع تعقد المشهد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية باسم التحالف الدولي لقتال التنظيم وطردته من حقول النفط شرق البلاد.
و انحسرت سيطرة قوات الثورة إلى مساحة تعادل 4 % من مساحة البلاد بعد صعود التنظيمات والتدخلات الدولية مقابل عام 2013، في حين كان تسيطر على أكثر من 80 % من مساحة سوريا، مع تقديم فاتورة باهظة تقدر بمليون ضحية وأكثر من نصف مليون معتقل ومئات الآلاف من المفقودين وملايين اللاجئين .
في الحقيقة مازال الكثير أمام السوريين ومعظم الثورات تمر بهذه المراحل الحرجة، واليوم نظام الأسد محاصر اقتصاديا ومعزول دوليا وبدأ التململ والتظاهر ينخر حاضنته الشعبية وهو على أعتاب مواجهة مع القوات الكردية المدعومة أمريكيا.
مناطق سيطرة فصائل الثوار رغم سوء وضعها الأمني تعد أفضل من غيرها على الأقل اقتصاديا إلى جانب الاستقرار النسبي نتيجة الاتفاقات الروسية التركية.
وبقي للسوريين العمل على التحرك دوليا لإزالة نظام استبداد أمسى عبء على مشغليه روسيا وإيران وإيجاد صيغة تفاهم مع جميع أطياف المعارضة بما فيها الأحزاب الكردية لتشكيل حكومة انتقالية وتقديمها للمجتمع الدولي كبديل للأسد مع مراعاة إشراك الشخصيات الوطنية ممن لم تتلوث أيديهم بدماء السوريين.
ولكن هل يستطيع السوريين فعل هذا دون إرادة دولية؟!
الإجابة، نعم بالتأكيد لأن نظام الأسد أصبح عاجزا عن تأمين حتى رغيف خبز للمواطنين وأية مبادرة وطنية تحافظ على وحدة واستقلال سورية سوف تجد ترحيبا دوليا.
وفي حال لم ينجح السوريين بالاتفاق عليهم انتظار مصير يحدده المجتمع الدولي بقيادة واشنطن العاملة على إدارة الأزمة بدل إيجاد الحل الناجع لها، وهنا يجب إدارك خطورة ترك البلاد تمضي إلى مزيد من التمزق والتشتت.