برزت الجزيرة السورية في اهتمامات “الوكالة اليهودية” باعتبارها إحدى المناطق العذراء المغرية ليس للاستثمار اليهودي فحسب، بل لتوطين الفلاحين العرب الذين فقدوا أراضيهم بسبب شرائها منهم؛ وعاد هذا التيار بقوة على أثر طرح مشروع لجنة “بيل” القاضي بتقسيم فلسطين الى دولتين عام 1937م.

ويقول الكاتب محمد جمال باروت في حديثه عن “التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية”: إن “التطلع الصهيوني الى الاستيطان في إقليم الجزيرة الفراتية يعود عموماً الى العام 1910م، وعاود نشاطه في ثلاثينات القرن الماضي بعد تجاوز الوكالة اليهودية، العمود الفقري لهذه العملية عسرها المادي.

وشكلت “الوكالة اليهودية” أول لجنة لترحيل السكان، وأعلنت في اجتماعها يوم 21 تشرين الثاني 1937 بالقدس أن عدد الفلاحين المقترح ترحيلهم من أراضيهم 87300 نسمة، خُصص 13 الفاً من هؤلاء لسوريا.


وأحبطت السلطات الفرنسية المشاريع الاستيطانية منذ عام 1910 وحتى العام 1948، لأن الضابط الذي حكم الجزيرة لم يستجب للوكالة اليهودية.

وظهر “مشروع الجزيرة” أو مشروع ترحيل العرب على يد “فايتس” حزيران 1941 في فترة انتقال سوريا من حكم “فيشي” إلى حكم بريطاني – فرنسي، لكن ديغول رفض تمويل الحركة الصهيونية لفرقة فرنسية خلال الهجوم على سوريا.

وفي آب 1941 توجه زعماء الصهيونية موشيه شرتوك ومردخاي كابلان ويوسف فايتس إلى تنفيذ مشروع الجزيرة، وبحثوا عن كتب ومصادر حول الجزيرة، ثم زار “فايتس” الجزيرة بمساعدة عملاء وعاد في 18 أيلول خلال فترة النزاع الفرنسي- البريطاني عليها وكان احد أعضاء “لجنة ترحيل العرب”.

يوسف فايتس


في عام 1949 أغرت ادارة هنري ترومان الأمريكية حسني الزعيم بعد استيلائه على الحكم بمنح سوريا قرضا “سخيا” لتوطين اللاجئين الفلسطينيين ومساعدة عسكرية، فأوفد الزعيم المهندس الزراعي أحمد وصفي زكريا ليدرس التربة وليجمع عينات منها لتحليلها في دمشق وليعد تقريرا عن افاق استصلاح الأراضي في الاقليم.

وحاول الزعيم أن يغلف التوطين باسم إعادة النظر في توزيع أراضي أملاك الدولة والمتروكة وتحديد الملكية الضخمة وإنقاذ البلاد من الاقطاعية بعد العجز عن تمرير المشروع في عهد شكري القوتلي.

وايزمن ودو جوفونيل

وذكر حاييم وايزمن” في مذكراته إن “هنري دي جونفيل” زار فلسطين وأعجب بما صنع اليهود بها، فقال: إن سوريا هي الميدان الصحيح لكم، واستدرك قائلا :”أنا لا أريدكم أن تأتوا للعمل في حدود فلسطين كيلا تطالبون بالتوسع على حساب سوريا.. إنما أنا أطلب منكم أن تذهبوا للعمل في أراضي الجزيرة ..فهناك أراض ومياه..!


فأجابه وايزمن: “إننا قانعون بأراضي فلسطين ومياه الأردن.


ويعد حاييم وايزمان أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، وقد لعب الدور الأهم في استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917, وكان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946، ثم انتخب كأول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949م.


كما حاول “دي جوفنيل إقناع “وايزمن خلال زيارته لباريس بفكرة ذهاب اليهود إلى الجزيرة، ثم حاول اقناع ليون بلوم بذلك، لكن جهوده ذهبت سدى، وفق ما ذكر “وايزمن”.

ودو جوفينيل رابع مندوب سامي مفوض سامي فرنسي على سوريا و لبنان إبان الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان الانتداب الفرنسي للمنطقة بين عامي 1925 واستمر حتى 1926.


دجلة نت