محمد الحسون – دجلة نت
بعد العودة من المدرسة المتربعة على قمة التل وسط القرية وتناول الغداء تبدأ المفاوضات مع الأهل حول ما يجب فعله بعد المدرسة، وكثيرا ما تنتهي بوجوب الذهاب لسقاية الحيوانات من النهر الصغير في أسفل الحقول غرب منزلنا، وهكذا نخسر ساعات من الوقت ومنها فترة برامج الأطفال.
كان الحزن يتسلل إلى قلوبنا لأننا لا نستطيع مشاهدة سنان وأصدقائه “بنان ولالا” وشخصيات الغابة الأخرى وعلى رأسها “زعبور وشرشور وفرفور” ، لأنهم كانوا الأشهر حين كنت في سن الطفولة، لكننا نعوض ذلك بألعاب أخرى جماعية تنسينا الخسارة المرة في المفاوضات مع الوالدين.
وعلى رأس تكل الألعاب لعبة السبعة أحجار (سبعة احجار) أو كما كنت ألفظها مقلدا الكبار “صب حجار” وهي لعبة الطفولة في أرياف الحسكة ومناطق الجزيرة عموما وتعرف بدير الزور باسم “الطَمَّازون” أو “الطم هزوم” وفي دول الخليج العربي تسمى “عنبر”.
وأحيانا تضيع كرتنا وسط صعوبة تعويضها بشراء أخرى أو حتى بكرة قدم نظرا لظروف الريف في تلك الفترة- ثمانينيات القرن الماضي- فنلجأ إلى صناعة كرة من الخرق بعد حشوها بكم كنزة أو جرابات.
يلعبها الأطفال عادة بفريقين دون تحديد عدد اللاعبين حتى 10، مع امكانية أن يكون الشخص المدافع عن رجم الحجارة أو من تختاره القرعة أو الإصابة بالكرة لتكون “أميته” لوحده، فيلعبون وكأنهم فريق واحد.
ويحتاج الأطفال إلى 7 أحجار مختلفة الأحجام تصلح لبنائها كـ “رجم” يشبه البرج عبر وضعها فوق بعضها البعض، وتختار عادة وفيها بعض التسطيح يمكن إعادة بنائها، لكن ليس إلى درجة أن تكون قطع من البلاط أو الاسمنت المسطح فتذهب بمتعة الصعوبة والحاجة للتركيز في نصبها خلال اللعبة واللاعب تحت تهديد الإصابة بكرة المدافعين عنها.
ويجب أن تكون الكرة المستخدمة في اللعبة صغيرة الحجم بما يساعد المدافع على استخدامها في إصابة المهاجمين الذين يحاولون إعادة بناء رجم الأحجار السبعة إلى جانب عدم تسهيل عملية اسقاط الحجارة في بداية اللعبة، حين يبدأ الفريق “الأولية” برمي الكرة من “الخطة” وهو خط البادية خلال محاولته اسقاط الأحجار لتبدأ اللعبة وبحماسة عالية ويتصاعد المرح تدريجيا.
و”الأولية” هي حصول أحد الفريقين على شرف بدء اللعبة والهجوم ويجري عبر القرعة أو اقتراب قائدي الفريقين نحو بعضهما عبر عد الأقدام وهذا يستخدم بتقسيم الفريقين، فمن يأتي قدمه فوق قدم الآخر يبدأ بطلب اللاعبين ويبدأ اللعب.
فريق الهجوم ينتشر بعد نجاح لاعبهم في اسقاط الحجارة بينما يحاول الفريق المدافع استخدام الكرة لإصابتهم وإخراج اللاعبين واحدا تلو الآخر من اللعبة فالمصاب بالكرة يقال له “انت متت” أو “محترق” وتحتاج هذه العملية لسرعة ودقة بالتصويب ولياقة بدنية لأن خفة الحركة في رمي الكرة أو تفادي الإصابة بها أهم ما في اللعبة.
كما تحتاج لدقة ملاحظة وسرعة انتباه ليجري توزيع الفريق المدافع بطريق تحقق سرعة إعادة الكرة بعد استهداف أحد أعضاء الفريق المهاجم، وذلك لمنعهم من إعادة بناء الرجم، وفي الوقت ذاته يحتاج المهاجمون لسرعة البديهة لبناء الحجارة بالسرعة القصوى مستغلين ابتعاد الكرة خلال استهداف فاشل لهم مع الحذر من الإصابة بالكرة قبل اتمام وضع آخر حجر في القمة وإعلان النهاية أو النداء بكلمة “عنبر” في البلدات التي تحمل فيها اللعبة هذا الاسم.
ويخسر الفريق المهاجم اللعبة في حال استطاع المدافعون إصابة جميع أفراده، بينما يعلن المهاجمون الفوز بعد بناء رجم الأحجار السبعة من جديد.
وتدرس هذه اللعبة في منهاج الصف الخامس بدولة “عمان” العربية ويحدد الدرس فوائد اللعبة بأنها تعلم الأطفال “روح التعاون والأمانة ودقة التصويب وسرعة الحركة وتقوي الأبدان” إلى جانب التسلية، وتذكر أن مساحة الملعب يكون تقريبا بطول 40 مترا وعرض 20 مترا.
ويشرع الفريق الرابح بدء اللعبة من جديد بعد اكتساب نقطة على حساب خصومه في الفريق الثاني.