– الجولة الثامنة ناقشت كما الجولات السابقة 4 مبادئ دستورية مقدمة من الأطراف المشكلة للجنة
– عضو لجنة الصياغة طارق الكردي: عمليا الجولة تنتهي بلا نتيجة ولم يحدث أي توافق على أي بند من البنود
– عضو اللجنة الدستورية الموسعة عبد المجيد بركات: هناك استعصاء كبير في العملية الدستورية يتحمل مسؤوليته النظام والمجتمع الدولي
كما كان متوقعا لم تسفر الجولة الثامنة للجنة الدستورية السورية التي عقدت الأسبوع الماضي في مدينة جنيف السويسرية عن أي توافقات بين الأطراف السورية على طريق كتابة الدستور لتبقى سلة السوريين بلا عنب.
واختتمت الجمعة الماضي، أعمال الجولة الثامنة التي التأمت على مدار 5 أيام، تحت قيادة مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون، وشارك فيها أعضاء “المجموعة المصغرة” المسؤولة عن صياغة الدستور والمكونة من 45 شخصاً، 15 يمثلون النظام، و15 المعارضة، و15 منظمات المجتمع المدني.
وعقب انتهاء الجولة قال بيدرسون في بيان، إن “بعض الخلافات استمرت خلال الاجتماعات، ولوحظ إمكانية للالتقاء عند نقطة مشتركة في قضايا أخرى”، لافتا إلى ” بطء تقدم المفاوضات وعدم القدرة على التوصل إلى اتفاقات ملموسة بشأن القضايا التي تحتاج إلى إحراز تقدم”.
وحث بيدرسون جميع أعضاء اللجنة على “العمل بروح المصالحة والعمل على صياغة نصوص دستورية من شأنها أن تحظى بتأييد الشعب السوري”، ورغم ذلك أوضح البيان أن الرئيسين المشاركين اتفقا على عقد الجولة التاسعة في الفترة بين 25 و29 يوليو/ تموز القادم.
مبادئ دون توافق
الجولة الثامنة ناقشت كما الجولات السابقة 4 مبادئ دستورية مقدمة من الأطراف المشكلة للجنة وهي “التدابير القسرية الانفرادية من وجهة نظر دستورية” قدمه أعضاء من وفد المجتمع المدني، ومبدأ “الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها” قدمه وفد النظام.
كما تم نقاش مبدأ “سمو الدستور وتراتبية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية “الذي قدمه وفد المعارضة، والمبدأ الرابع هو “العدالة الانتقالية” وقدمه أعضاء من ممثلي المجتمع المدني.
وبعد نقاشات على مدار 4 أيام قبل اليوم الختامي، كان يفترض تقديم نصوص من قبل جميع الأطراف للمبادئ تتضمن ملاحظات الأطراف الأخرى على المبادئ المطروحة للنقاش، ولكن كالعادة النظام لم يقدم أي شيء من الملاحظات المقدمة بحسب المعارضة.
وبهذا النهج يواصل النظام تعطيل العملية السياسية للجولة الثامنة على التوالي، في الوقت الذي تسعى فيه المعارضة جاهدة لتحقيق تقدم ملموس ينهي سنوات الأزمة في البلاد.
مجريات الجولة ومستقبلها
عضو لجنة الصياغة طارق الكردي تحدث لـ”الأناضول” عن مجريات الجولة الثامنة ومخرجاتها ومستقبل العملية السياسية بالقول: “انتهت أعمال الجولة الثامنة للجنة الدستورية، والحقيقة أن النقاش ربما كان إيجابيا بالشكل، لكن لم تنعكس تلك الإيجابية على النتائج باليوم الأخير”.
وأضاف الكردي: “عمليا الجولة تنتهي بلا نتيجة ولم يحدث أي توافق على أي بند من البنود، الأجواء كانت مقبولة، والنقاشات قانونية ودستورية عميقة ولكن مع الأسف للآن هناك قرار لدى نظام الأسد بأن لا يسمح للجنة الدستورية أن تثمر أو أن العملية السياسية برمتها تتقدم”.
وأردف: “سنعود إلى هيئة التفاوض (المعارضة) التي نمثلها لنقيّم هذه الجولة، ومن ثم هيئة التفاوض تأخذ القرار المناسب، يؤلمنا أن الشعب السوري يعاني في الداخل والخارج والمخيمات والمعتقلين وأهليهم والمغيبين قسريا والنساء والأطفال وكل شرائح المجتمع تعاني”.
وزاد الكردي: “لذلك فريق المعارضة يأتي حقيقة ويسعى إلى حل وانطلاقة حقيقية للعملية السياسية ولكن ليست كل أطراف اللجنة (في إشارة إلى ممثلي النظام) على نفس السوية من التفكير بمصلحة السوريين وآلامهم ومحاولة تخفيفها، العملية ستخضع للتقييم، ومن ثم يتخذ القرار المناسب فيما يتعلق بمستقبل العملية السياسية”.
تعطيل مستمر من النظام
عضو اللجنة الدستورية الموسعة عبد المجيد بركات قال للأناضول: “كما هو متوقع واصل النظام تعطيل العملية الدستورية والدخول بنقاشات لا نهاية لها في المواضيع المطروحة بجدول الأعمال”.
وأضاف بركات، أن ذلك أدى إلى ” عدم الوصول لنصوص دستورية متفق عليها أو التوصل إلى صياغات دستورية يمكن أن تعتمد ويجري التصويت عليها”، لافتا إلى أن “هذه هي استراتيجية النظام التي وضعها منذ عدة جولات وهي الغوص في نقاشات دون الوصول إلى توافقات”.
واستدرك قائلا: “بالمقابل استمرت المعارضة بنفس الطريقة في تعاطيها مع اللجنة الدستورية والمسار السياسي بإعداد أوراق ونصوص دستورية بشكل جدي لقطع الطريق على أي عملية تعطيل من قبل النظام”.
وأشار بركات، إلى أن “هذا الوضع غير مجدٍ (..) إلى الآن هناك استعصاء كبير يحدث في العملية الدستورية ويتحمل مسؤوليته النظام وتراخي المجتمع الدولي وخاصة الدول القريبة من النظام بالضغط عليه من أجل الوصول إلى نتائج مرضية”.
كل الخيارات مطروحة
وإزاء ما يحصل من نقاشات في الجولات بشكل عام قال بركات: “في المعارضة نناقش كل الخيارات المطروحة والاقتراحات التي من شأنها أن تدفع بالعملية السياسية إلى الأمام وأن تخرج اللجنة الدستورية من حالة الاستعصاء والتعطيل التي يتحمل مسؤوليتها النظام”.
وأضاف: “في كل الخيارات نتحدث أنه لا يمكن أن تتم العملية السياسية فقط في اللجنة الدستورية هناك سلال أخرى يجب أن تسير بالتساوي ولا يمكن أن تسير العملية السياسية بهذه الطريقة دون أن تكون هناك آلية ضبط حقيقية للنقاشات التي تفتح ولجداول الأعمال”.
وختم بركات بالقول: “لا يمكن أن تسير العملية إن لم تكن هناك آلية زمنية واضحة توضح متى ينتهي عمل اللجنة الدستورية ومخرجات الاجتماعات”.
واتخذ قرار تشكيل اللجنة الدستورية ضمن مخرجات مؤتمر الحوار السوري، الذي انعقد بمدينة سوتشي الروسية في 30 و31 يناير/كانون الثاني 2018، وبرعاية الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران.
وبعد أكثر من عام ونصف من المشاورات، أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 23 سبتمبر/أيلول 2019، تشكيل اللجنة الدستورية، ضمن الجهود لإنهاء الحرب السورية الممتدة منذ 2011.
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عقدت لجنة الصياغة أولى اجتماعاتها بجنيف، من أجل تحديد جدول الأعمال، حيث شهدت الاجتماعات خلافات وخرق لمدونة السلوك الناظمة للاجتماعات.
وتتكون اللجنة الدستورية من المجموعة الكبرى المكونة من 150 عضوا بالتساوي بين الأطراف الثلاثة، ومجموعة الصياغة المصغرة التي تضم 45 عضوا بالتوازي.
ومنذ عام 2011، تشهد سوريا حربا أهلية بدأت إثر تعامل نظام الأسد بقوة مع ثورة شعبية خرجت ضده في 15 مارس/ آذار من العام ذاته، ما دفع ملايين الأشخاص للنزوح واللجوء إلى الدول المجاورة.