حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، يوم الثلاثاء من أن الوضع في البلاد لا يزال “هشًا للغاية” رغم التغيرات الجذرية التي شهدتها الساحة السياسية خلال الأسابيع الماضية، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي دام أكثر من نصف قرن.
وفي إحاطة أمام مجلس الأمن عبر اتصال من دمشق، وصف بيدرسن الأحداث الأخيرة بأنها “لحظة تاريخية”، لكنه شدد على ضرورة التحرك الدولي لتفادي انهيار الأوضاع مجددًا.
وقال بيدرسن: “هناك شعور مشترك بين السوريين بأن هذه اللحظة ملك لهم لتحقيق تطلعاتهم نحو السلام والاستقرار. لكن التحديات القادمة هائلة”.
السلطة المؤقتة وصراعات النفوذ
وتحدث المبعوث الأممي عن تولي “سلطة مؤقتة” إدارة البلاد بقيادة هيئة تحرير الشام، الفصيل المسلح الذي كان يسيطر على محافظة إدلب، وبدعم من “حكومة الإنقاذ” التابعة له. وأوضح أن هذا التحالف أصبح القوة المسيطرة على دمشق وأجزاء واسعة من البلاد.
في المقابل، أشار بيدرسن إلى استمرار وجود فصائل معارضة أخرى خارج هذا التحالف، أبرزها الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، إلى جانب سيطرة القوات الكردية (قسد) المدعومة أمريكيًا على الشمال الشرقي.
وقال بيدرسن: “التوترات في الشمال الشرقي قد تتفاقم مجددًا مع انتهاء وقف إطلاق النار بين تركيا والولايات المتحدة”.
الاعتداءات الإسرائيلية
من جهة أخرى، أعرب بيدرسن عن قلقه إزاء “التصعيد الإسرائيلي المتزايد” في سوريا، مشيرًا إلى أكثر من 350 ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية خلال الأسابيع الماضية، من بينها منشآت في طرطوس.
وأضاف: “هذه الاعتداءات تُقوّض فرص الانتقال السياسي المنظم وتزيد معاناة المدنيين”. كما طالب إسرائيل بوقف الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل.
الأوضاع الإنسانية ومخاوف الانهيار
وأشار بيدرسن إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية. وقال: “سوريا تحتاج دعمًا يتجاوز المساعدات الإنسانية التقليدية ليشمل إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية”.
وأكد المبعوث الأممي أن المرحلة القادمة تتطلب عملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم، لكنه شدد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة لتفادي الفراغ والفوضى.
وقال: “على الرغم من الظروف الجديدة، تظل مبادئ القرار 2254 أساسية، لا سيما تشكيل حكومة شاملة وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات نزيهة تشمل جميع السوريين”.
ولفت بيدرسن إلى ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وأضاف أنه التقى ناجين من سجن صيدنايا الشهير، الذي وصفه بأنه “رمز للتعذيب والمعاناة”.
وختم بيدرسن بالإشارة إلى أن سوريا أمام “فرصة تاريخية” لبناء مستقبل أفضل، محذرًا من أن الفشل في استغلال هذه اللحظة قد يعيد البلاد إلى دائرة الصراع.