دجلة نت
احتفل “غوغل دودل” في 19 تشرين الأول بذكرى مرور 110 أعوام على ميلاد الملحن والمغني والممثل والمنتج السينمائي السوري فريد الأطرش، الذي يعد أحد أعظم الفنانين في العالم العربي.
ولقّب النقاد الأطرش “ملك العود” نظرا لتميزه في العزف على هذه الآلة، وترك بصماته على الموسيقى والسينما في مصر والعالم العربي، حيث أصدر أكثر من 220 أغنية، وشارك في 31 فيلما موسيقيا خلال مسيرته المهنية الغزيرة، ونال جائزة “أعظم عازف عود في العالم العربي وتركيا”.
ولد فريد الأطرش عام 1910 لعائلة بارزة في محافظة السويداء، وهاجر عندما كان طفلا مع والدته وإخوته إلى مصر هربا من الاحتلال الفرنسي، وفي وقت لاحق مُنحوا الجنسية المصرية، وهناك تابع تعليمه الموسيقي وارثا الموهبة من والدته، وهي مغنية وموسيقية محترفة.
وفي أوائل الثلاثينيات غني بانتظام في الإذاعة المصرية، قبل إصدار موسيقاه الخاصة، ثم ظهر لأول مرة على الشاشة الكبيرة -جنبا إلى جنب مع أخته أسمهان- في فيلم “انتصار الشباب” عام 1941، وواصل مسيرته السينمائية خلال العصر الذهبي للسينما المصرية على مدى العقود التالية.
حياته في مصر
التحق الأطرش بمدرسة الخرنفيش الفرنسية، حيث اضطر إلى تغيير اسم عائلته فأصبحت “كوسا” بدلا من “الأطرش”، العائلة المغضوب عليها من قبل الفرنسيين، وهذا ما كان يضايقه كثيرا، ذات يوم زار المدرسة هنري هوواين فأعجب بغناء فريد، وراح يمدح في عائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة، فطرد فريد من المدرسة، والتحق بعدها بمدرسة الباطريرك للروم الكاثوليكية.
حرصت والدته على إدخاله معهد الموسيقي، حيث بدأ في بيع الأقمشة وتوزيع الإعلانات من أجل توفير المال لأسرته، والتحق بفرقة بديعة مصابني كعازف عود ولفت أنظار “مدحت عاصم”، الذي قدمه ليغني في الإذاعة غني العديد من الموال والأغاني القديمة وسجل أغنيته الأولي “يارتني طير”، حيث لاقت نجاحا وشهرة كثيرة، واستعان بأفضل العازفين وأصبح لديه لونه الخاص به وغنى بجميع اللهجات العربية في أوبريت “بساط الريح”.
ذاع صيته كمطرب وملحن، فأصبح يغني في الإذاعة مرتين في الأسبوع، ولم يحصل على مقابل مادي سوى 150 قرشا، كان الراتب زهيد جدا ولم يحل أزمته المالية وفقر أسرته.
كانت أمنية فريد أن يلحن يومًا لكوكب الشرق أم كلثوم، ولكن دائمًا كان القدر لايجمعهما، وحاول فريد وضع ألحان: الربيع، وأول همسة ووردة من دمنا وأختك الحرة ثارت، خصيصًا لأم كلثوم لكنها كانت تتراجع.
وقبل وفاته لحن فريد أغنية لأم كلثوم، ووعدته بغنائها ولكن الموت باغتهما وغنت وردة الجزائرية الأغنية، وهي”كلمة غياب”، التي أكمل بليغ حمدي لحنها بعد فريد الأطرش.
السينما وطريق الأطرش للنجومية
دخل الأطرش عالم السينما في الأربعينيات حيث يعتبر فيلم “انتصار الشباب” عام 1941 أولى مشاركاته السينمائية، وتلى هذا الفيلم مجموعة من الأعمال البارزة والتي حققت نجاحا كبيرا، واستطاع فريد الأطرش اكتساب قاعدة جماهيرية كبيرة، وأدى دور البطولة في 31 فلما سينمائيا خلال الفترة من 1941 حتى 1975، أبرزهم “شهر العسل، بلبل أفندي”، كما يعتبر فيلم “حبيب العمر” من أشهر أعماله لأنه حقق أرباحا طائلة، وخاض تجربة التأليف والإنتاج عبر فيلم “قصة حبي”.
اتسم فريد بالجرأة الشديدة وظهر حين طلب برسالة من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حضور افتتاح العرض الأول لفلم “عهد الهوى” يوم 7 فبراير عام 1955م بحضور جميع صناع الفيلم، بسبب مرض ألم به، فحضر عبدالناصر بصحبته المشير عبدالحكيم عامر إلى سينما ديانا بشارع عماد الدين، وجلس في المقصورة الخاصة بفريد الأطرش وحيّا الجمهور بعد انتهاء الفيلم.
إشترك الفنان فريد الأطرش مبافلام هي: حبيب العمر وبلبل أفندي وعفريته هانم وأحبك أنت وآخر كذبه وتعال وسلم ولحن الخلود ، ولحن حبي والعمر كله ، الحب الكبير ومن أجل حبى، ورسالة غرام ، وعهد الهوى، وماليش غيرك ، ويوم بلا غد وعايزة أتجوز، و إزاى أنساك، منتهى الفرح و أحلام الشباب، وما أقدرش، وشاطئ الحب و إنت حبيبى، والخروج من الجنة وودعت حبك، وشهر العسل.
أثيرت شائعات كثيرة حول فريد الاطرش بوجود علاقة حب بينه وبين الراقصة سامية جمال، لكنه نفى ذلك في حوار تليفزيوني، وقال أحترم كل الفنانات لكن لو تزوجت فنانة سوف تترك الفن لتهتم ببيتها، وصرح أنه أحب خمس سيدات، لكن لم يخبرهم لأنهم من عائلات لا يتزوجون إلا من عائلاتهم، ومات ولم يتزوج.
الجائزة الفرنسية الفريدة
حصل فريد الأطرش على عدة أوسمة منها “وسام الاستحقاق اللبناني، وسام الاستحقاق المصري، ورئاسة نقابة الفنانين اللبنانيين مدى الحياة، ووسام الكوكب الأردني برتبة فارس، من جلالة الملك حسين بن طلال 1955 وقلادة النيل المصرية 1962، وجائزة أحسن عازف عود من تركيا عام 1962، وهو أول فنان عربي تمنحه فرنسا مدالية الخلود التي حصل عليها بعد وفاته 1975، وطبعت كافة أعماله في باريس أيضا.
لقبرفريد الأطرش بـ “موسيقار الأزمان” و”ملك العود” فكان يلحن لجميع الفنانين والفنانات العرب أشهرهم: “أسمهان، وشادية، وفايزة أحمد، وصباح، وديع الصافي، ووردة الجزائرية”.
وغنى فريد من كلمات أشهر شعراء عصره من بينهم: “أحمد بدرخان، أحمد خميس، أحمد رامي، أحمد شفيق كامل، أحمد منصور، إسماعيل الحبروك، الأخطل الصغير، أمين صدقي، بيرم التونسي، توفيق بركات، حسين شفيق المصري، أبو السعود الإبياري، كامل الشناوي، محمد حلمي حكيم، محمود فتحي إبراهيم، ومدحت عاصم”.
مرضه والوفاة
أصيب الأطرش بجلطة في الشريان التاجي لثلاث سنوات متلاحقة (1955/1956/1957) وتنبأ له الأطباء بانه لن يعيش أكثر من خمس سنوات، لكنه عاش بعد ما قاله طبيبه لسبعة عشر عامًا.
بعد انتشار شائعة عن اعتزامه الزواج من الملكة ناريمان، أصيب بأزمة صحية أقعدته عن العمل لمدة 6 أشهر.
بالرغم من عدم زواجه حتى وفاته، إلا أنه كان يستعد للخطبة من السيدة سلوى القدسي، لكن القدر لم يمهله.
كان خبر وفاة شقيقته أسمهان في حادث سيارة بمثابة صدمة لم يفق من بعدها فريد الأطرش، ثم تعرض إلى ذبحة صدرية وأصبح سجين غرفته، وأصابه شعور الوحدة حتى أصيب بأزمة قلبية حادة بمستشفى الحايك ببيروت في عام 1974، ونقل جثمانه ليدفن مع أخته في مصر حسب وصيته.