محمد الحسون

هل يحل اقتراح “الإدارة الذاتية” أزمة الخبز في الجزيرة السورية؟! هذا السؤال يردده معظم سكان مناطق الحسكة والرقة ودير الزور الخاضعة لسيطرة هذه الإدارة بعد انتهاء “اجتماع القامشلي” الطارئ بشأن شح الخبز منطقة تحوي معظم مخازن قمح سوريا!

قالت الإدارة الذاتية على لسان سلمان بارودو مسؤول الاقتصاد والزراعة معا إنها “تقترح تزويد مطاحن خاصة بالقمح كحل لأزمة الخبز في الجزيرة”، أما عن ماهية الاقتراحات وعلى من فتصور يا رعاك الله أنهم “اقترحوا بعض الأمور على أصحاب هذه الأفران للوصول لحل ينهي اضرابهم عن العمل وتوفير الخبز”!! ومنها “إعطاء القمح لمطاحن خاصة لتخفيض سعر الطحين وتوزيعه على الأفران السياحية الخاصة”.

يوضح بارودو أنهم “طلبوا من أصحاب هذه الأفران وضع دراسة شاملة توضح التكلفة الحقيقية لإنتاج الخبز في هذه الأفران” وأيضا أن هذه الأفران ستعود للعمل من يوم الأحد لبيع الخبز بالأسعار المعتادة ريثما يتم التوصل لحل نهائي لأزمة الخبز؟!

وإذا تجاهلنا أن الحديث عن “مهزلة” اقتراح السلطة القائمة على أصحاب الأفران لإجراء الدراسات وعدم فرض أوامرها وحلولها ونتائج دراسات خبراء الاقتصاد فيها، فلا يمكن إغفال حقيقة تأثير “الخبز السياحي” في حياة الناس وهو الخبز غير المدعوم أصلا!

يزداد طول طوابير الخبز أمام الأفران وبراكيات البيع في مدينة القامشلي، وهي العاصمة الفعلية للإدارة الذاتية حيث يعجز الإنسان عن تأمين خبزه، فماذا ينتظر سكان المناطق الأخرى غير سوء النوعية وقلة الكميات ثم اللجوء إلى الطرق التقليدية لصانعة الخبز على الصاج والتنور؟!

تقول الأنباء الواردة أن الأفران الخاصة ستستمر في انتاج الخبز لكنها ستخفض عدد أرغفة الربطة إلى 6 فقط لمواجهة ارتفاع التكلفة بسبب ارتفاع سعر كيس الطحين إلى أكثر من 28 ألف ليرة سورية، وهذا يشبه إلى حد كبير اجراءات حكومات بلدان ومناطق تستورد القمح بتكاليف عالية وبالعملة الصعبة وحين تخشى ردة فعل شعوبها من رفع أسعار الخبز تلجأ إلى تخفيض وزن رغيف الخبز وتصغير حجمه.

وعلى رأس البلدان التي واجهت مشاكل إهدار الدعم وعدم وصوله لمستحقيه بسبب الفساد فاستحدثت البطاقات الذكية هي مصر والأردن وهما مستوردان للقمح على عكس منطقة الجزيرة السورية التي يصدر إنتاجها نحو الداخل السوري وتركيا رغم إهمال الزراعة فيها حاليا.

وأيضا مشكلة خلق نوعيات من الخبز “صغير سياحي” و”كبير مدعوم” -أي الذي يباع بأقل من سعر التكلفة- سيوصل الأمور إلى مرحلة رفع الدعم بطريقة غير مباشرة لا تثير غضب الناس، وعلى سبيل المثال عندما حاول مجلس تل أبيض رفع سعر الخبز إلى ليرة تركية في حزيران 2020 فثارت ثائرة السكان ليتراجع المجلس عن قراره فأصبح سعر ربطة الخبز 250 ل.س للربطة 8 أرغفة بشرط أن يكون وزن الرغيف 100 غ فقط، لكنه عاد في 1 كانون ثاني2021 لبيع الخبز بسعر 500 ليرة سورية أو بسعر ليرة تركية واحدة لكل ربطة من الخبز بعد أن خبر السكان نتائج نقص الخبز.

وبات الناس يدركون حقيقة أن رفع الدعم عن الخبز مع رفع رواتب الموظفين وأجور العاملين هو الحل الوحيد الباقي رغم مخاطر وقوع نسبة كبيرة من السكان فريسة سهلة للجوع بسبب نقلهم إلى فئة الفقراء في ظل غياب جهات حكومية تهتم بأحوالهم!

والنتيجة يمكن اعتبار هذه الأزمات في نقص الخبز هي مقدمات لرفع الأسعار سواء بطريقة مباشرة مثل “تل أبيض” أو بطريق غير مباشرة عبر “الأفران الخاصة” في مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث باتت أصوات الأهالي تتعالى قائلة” ارفعوا سعر الخبز لكن وفروه”!