أعادت حادثة اعدام “فتاة الزهور” بطريقة وحشية جرائم الشرف في الجزيرة السورية إلى الواجهة، وسط استنكار رواد التواصل الاجتماعي للجريمة بعد انتشار فيدو للفتاة في النزع الأخير وأقربائها يحثون بعضهم على الإجهاز عليها.

حصلت الجريمة المروعة بحق فتاة من حي “الزهور” أو “حوش الباعر”، الذي يمثل الهوامش الجنوبية المهملة لمدينة الحسكة ، بحجة “غسل العار” عن العائلة إثر هروب الفتاة من بيت زوجها مع رجل آخر، وجاءت بعد فترة وجيزة من حادثة مشابهة بالنتيجة مختلفة بالتفاصيل بالريف الجنوبي للمحافظة، حين هربت فتاة من عائلتها لتتزوج من شاب فرّ بها إلى مناطق الشامية على الضفة الأخرى من نهر الفرات شرق دير الزور.

كادت حادثة الهرب والمعروفة محليا بـ “الخطيفة” أو “النهبة” أن تتحول لصدام بين عائلتي الشابين، قبل أن يرضخ الرجل ويعيد الفتاة بعد اختطاف أهلها عددا من أفراد عائلته، فكان مصيرها الموت المحتوم.

وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين انتقدوا موقف المجتمع العشائري من قضايا المرأة، بمعاقبة كل من ظهر في الفيديو لأن هؤلاء مدانون ومتهمون ويعتبرون شركاء فاعلين بالجريمة ومحرضين على جناية القتل العمد لقاصر من الفروع وتصوير جريمتهم، وهذا قد يكون الجزء الأبشع من الجريمة.

ولكن في ظل ازدواج السلطات والحدود المفتوحة وأي حكومة ستعمل على انزال اقسى العقوبات على المجرمين الذين ظهروا في الشريط المصور مع السلاح والسيارات لتنفيذ هكذا جريمة بشعة وهي جريمة ضد الانسانية وجريمة ضد قيم ومبادئ ثورة الحرية والكرامة الإنسانية، وفق المتابعين.

أيضا حديث النشطاء الحقوقيون عن تحريك دعوى مباشرة بحق القتلة الذين صوروا جريمتهم و محاكمتهم وفق مبدأ علانية المحاكمة، ضرب من الخيال لذات الاعتبارات، وسط أنباء عن عبور الحدود التركية من قبل الشاب الذي هربت معه الفتاة من بيت زوجها إلى المالكية، حيث لقت حتفها.

ما يفكر فيه رواد مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، صعب التحقيق لعوامل كثيرة عمقتها ظروف الحرب، فلا يوجد حكومة تهتم بنتائج هذه الجرائم أو تفكر وضع حد لها لأن المجتمع الذي قد يستهجن طريقة القتل في هذه الجريمة لكنه بسخريته من ذوي الفتاة الهاربة مع عشيقها يدعم سلطة العشيرة التي بدورها تحمي أفراد العائلات الذين يرتكبون “جريمة الشرف” وهي أعلى درجات “العنف الأسري” الذي يهدد حياة النساء بحجة “غسل العار” وسط غياب المنظومة القانونية الرادعة لغياب السلطة.

الكثير من الميليشيات التابعة للسلطات الحالية المتعددة تحاول أصلا إحياء العشائرية والقبلية في نفوس السكان وجندتهم على هذا الأساس لخدمة مشاريعها وسلحتهم على الأساس نفسه وكانت النتيجة تكرار الجرائم من هذا النوع رغم تراجعها مع تراجع “عادة الحيار” بين أبناء العمومة خلال السنوات الأخيرة.

وركز كثيرون على مخالفة هذه العادات للدين لأنها تتجاوز أحكامها بطريقة سافرة فتقتل الفتاة لوحدها بينما حكم الخطيئة الجلد بالدين الذي يقول بان القاتل يقتل، بينما يقتل قريبه او احد أفراد عائلته في العرف العشائري في اطار “عادة الثأر” السيئة.

وفي آذار السنة الماضية أقر إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري لعام 1949، والتي تخفف العقوبة عن مرتكب “جرائم الشرف” على أساس الحالة المريبة، وحلت محلها مادة 15 من المرسوم رقم 1 لعام 2011م لتكون العقوبة من سنتين كحد أقصى إلى الحبس من 5 إلى 7 سنوات.

وقبل 11 عاما أقدم شاب على قتل أخته زهرة العزو (16 عاماً ) المقيمة مع زوجها فواز في السيدة زينب بحادثة مشابهة مع قصة (عيدة / #فتاة_الزهور) بفارق أنها هربت من بيت أهلها في الحسكة إلى دمشق، حتى اعتبر يعد 29 من تشرين الأول من كل عام اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا “جريمة الشرف”، احتجاجا على إصدار القاضي حكمًا أشبه بالبراءة بحث الشقيق القاتل عام 2009م.

رأي دجلة