رأي دجلة نت

معارك كلامية حامية بين العرب والأكراد في الجزيرة السورية ساحتها مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضية تبلورت أخيرا عبر حلبة “صراع الديوك” على شاشة الجزيرة بإدارة الإعلامي المخضرم فيصل قاسم، حين استضاف المهندس مهند الكاطع ليصارع رئيس منظمة كرد بلا حدود كادار بيري بالكلام!

شعر العرب بنشوة انتصار لضعف ردود الضيف الكردي بعد أن بات شبه ملزم على الرد على تساؤلات واتهامات تخص قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المشكلة أساسا من وحدات حماية الشعب الكردية، وذلك رغم أن الضيف العربي لم يأتي بجديد عما كان يسوقه بمقالات مطولة وتصريحات مقتضبة ومنشورات على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي.

كنت أحد الذين انتابهم هذا الشعور حين شاهدت مقطفات من “صراع الديك العربي مع الديك الكردي” لكن اتصالا من إعلامي ينحدر من مدينة رأس العين جعلني استفيق وأجد نفسي خارج اطار حسابات هذا النصر الافتراضي بعد مشاهدة “الشجار كاملا” لأن مدينة رأس العين أكثر البقع التي عانت من هذا الاستقطاب لم تذكر بهذا العراك الكلامي إلّا مصادفة!

نعم..لم يذكر الضيف العربي أن قسد التي يدافع عنها الضيف الكردي مسؤولة بالاشتراك مع النظام عن تفجير عشرات المفخخات التي أوقعت عشرات الضحايا ومئات الجرحى بينهم أطفالا ونساء، وخلال البحث ستجد أن رأس العين في أي بانوراما لأحداث الجزيرة أو الحسكة على وجه التحديد غير موجودة رغم أن معظم فصائل المنطقة تشكلت فيها وقوت نفسها من حبوبها التي بيعت بأثمان بخسة ودون إطالة حاليا هي منطقة “تجمع المنخرطين بالثورة السورية” من أبناء المحافظة!

وأيضا هي ساحة أكبر ملف انتهاكات فيها سواء بحق الأكراد أو العرب تحت العين التركية – الروسية ومراقبة الأمريكان الذين سيستخدمون هذا الملف يوما ما.

وهذا عدا عن كون مدينة رأس العين شرارة هذا الاستقطاب العرقي بالجزيرة منذ عامي 2012 و2013 حين دخلت الثورة عسكريا للمنطقة واصطفاف الأحزاب الكردية خلف وحدات حماية الشعب، لمواجهة فصائل الثورة غير المكترثة لتحرك جبهة النصرة وبعض التنظيمات الأخرى داخل مناطقها.

لا أتحدث هنا عن ديك اليهودي النحيل الذي انتصر على جميع الديوك الأخرى حين دخل المعركة متأخرا ففاز رغم ضعفه فالأمر أكثر وضوحا على أساس قاعدة “حجة الضعيف قوية”، فالكرد كانوا يحسبون العرب على النظام الذي يظلمهم وهم الضعفاء مع حجة قوية ثم على تنظيم الدولة الإسلامية-داعش ثم على الفصائل العسكرية.

الحال تبدل اليوم بعد أن أمست السلطة كردية والمسؤولة عن السياسة والاقتصاد والسجون إدارة كردية فصارت حجة العرب أقوى! فالنظام يستجدي القوات الكردية لفك الحصار وداعش والنصرة في خبر كان، أمّا “الجيش الحر” فأضحى “جيشا وطنيا” لا يملك من أمره شيئا.

ويبقى القول إن تجاهل مدينة رأس العين هو التغافل عن تاريخ الحسكة الكامل لأنها المدينة الوحيدة القائمة في بلاد الجزيرة مع الرقة قبل الانتداب الفرنسي وتقسيم الدولة العثمانية، لكن الأهم من ذلك أن العرب والكرد باتوا يخوضون مبارزة كلامية تزيد الاستقطاب والخطاب العنصري توازي مبارزة دموية بينهم تتشابه إلى حد التطابق مع مبارزة الأسرى بعضهم البعض في حلبات الرومان.

ويمكن القول إن نظام بشار الأسد استخدم الفصائل العربية والكردية لخلق صراع ينعكس على المجتمع ليستفيد منه بهدف دعم طرف ضد الآخر دون أي تكاليف تذكر وهذا ما حصل حين أغلق الحدود مع تركيا عبر تسليمها لوحدات حماية الشعب الكردية مبكرا في عام 2012م.

والسؤال ما فائدة حجة عرب الجزيرة السورية القوية وهم لا يملكون مشروعا ولا رؤية ولا حتى حزبا سياسيا أو جمعية اللهم أن تكون”جمعيات خيرية” أو تجمعات ممسوخة؟! بينما فاقت أعداد الأحزاب الكردية 100 حزب وحركة يمكن تقسيمها على التيارين الآبوجي والبرزاني.

وفي الختام، على أرض الواقع العرب والأكراد هم الخاسر الأكبر لأنهم يشكلون معظم سكان المنطقة والمستفيد نظام بشار الأسد والدول الفاعلة والمسيطرة على الأرض السورية لذا يجب على السكان من الكرد والعرب العمل سويا للخلاص أو سيسقط الجميع في الهاوية.