تشهد البادية السورية تحركات يومية للميليشيات الإيرانية بهدف تعزيز تواجدها في سوريا ولإحداث تغيير ديمغرافي في البلاد التي تشهد حربا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011م رغم تعرض هؤلاء المسلحين لضربات جوية بين الحين والآخر.

لهذا يطالب مجلس عشائر تدمر والبادية السورية، الجهات الدولية بالعمل الجاد على إخراج إيران وميليشياتها من سوريا ووقف عمليات التغيير الديمغرافي في ظل التوسع والتغلغل الإيراني، مشيرا إلى ضرورة تقديم المتورطين في قتل وتهجير السوريين إلى محاكم عادلة.

ولفت المجلس إلى أن الميليشيات تعيث فساداً في منطقة البادية السورية، من خلال مصادرة ممتلكات المدنيين، من منازل ومتاجر وأراضي زراعية، هذا عدا تحويل الكثير من الممتلكات إلى مستودعات أسلحة ومواقع ونقاط عسكرية، وتغيير أسماء العديد من المنشآت ما يثير سخطًا شعبيًا واسعًا.

حسب المجلس، من أبرز الانتهاكات في عام 2021، قيام ميليشيا “فاطميون” الأفغانية الموالية لإيران بإبلاغ أصحاب المنازل في القرى والبلدات الممتدة بمحيط مدينة تدمر، بإخلاء منازلهم، وصادرت أراضيهم.

كما تلقى نحو 50 منزلاً في مدينة تدمر إنذاراً بضرورة إخلائهم لمصادرتها خاصة التي لم يحضر أصحابها بناء على طلب مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وفق المجلس.


في أقصى الشرق، أضحت مدينة البوكمال منطقة انتشار للميليشيات الإيرانية داخل الأراضي السورية، وتشهد عمليات تجنيد الشبان، الذين يقبلون على الانضمام إليها برواتبها المغرية (200 دولار) هرباً من الخدمة الإجبارية في قوات النظام برواتب ضعيفة.

ويبلغ عدد الميليشيات من إيران في سوريا نحو 50 تشكيلاً تقريبا، ويقدر عدد عناصرها خلال عام 2017 نحو 70 ألفاً، باعتراف قائد الحرس الثوري الإيراني.

وتقسم الميليشيات المنتشرة في بادية حمص وشرقي حماة، بحسب منشأ عناصرها، إلى أربعة فرق هي: العراقية واللبنانية والميليشيات الأجنبية (الإيرانية والأفغانية وغيرهما) إلى جانب الميليشيات المحلية السورية.

وذكرت مصادر إعلامية إن الميليشيات الموالية لإيران، ومنها (لواء فاطميون) الأفغاني، و(حركة النجباء) و(عصائب أهل الحق) العراقيتين، و(حزب الله) اللبناني، وقوات تابعة للفرقة الرابعة في قوات النظام بدأت بالانتشار في المناطق الممتدة من منطقة حسياء جنوب شرقي حمص، مروراً بمناطق مهين والقريتين وتدمر والسخنة، وصولاً إلى مناطق جب الجراح في ريف حمص ومناطق السلمية وأثريا والشيخ هلال شرقي حماة.

وشارت إلى تزامن انتشار الميليشيات مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وانسحاب القوات الروسية من بعض المواقع العسكرية وسط البلاد.

ميليشيا “أبو الفضل العباس” التي تتخذ من السيدة زينب جنوب العاصمة مقراً لها، وغالبيتهم سكنوا السيدة زينب وجرمانا والتل بريف دمشق، بدأت نشاطها في قمع المتظاهرين ثم صارت تشتبك مع فصائل المعارضة في مناطق حجيرة وعقربا والسيدة زينب. ازداد لاحقاً عدد عناصر الميليشيا مع الكتائب التابعة لها- ووصل في آب 2017 إلى أكثر من 7000 مسلّح، وتتوزع مقارها في السيدة زينب وقرب مقام السيدة رقية وحي “الجورة” الدمشقي المتاخم لحي “الميدان” وفي نبل والزهراء بريف حلب.

وقاتل عناصر هذه الميليشيا في غوطة دمشق الشرقية، ومحيط السيدة زينب، والقلمون، وإدلب، وحلب، وريف حلب الجنوبي، ونبل والزهراء، وهو المسؤول عن مجزرة النبك.

في أحياء مدينة دمشق تنتشر ميليشيا “محمد باقر الصدر” عناصرها يرتدون لباس قوى الأمن الداخلي ويعملون تحت قيادة ضباط وزارة الداخلية، ويقدر عددهم بنحو 900 عنصر إلى جانب “سرايا طلائع الخراساني” وهم مزيج من مسلحين عراقيين وإيرانيين مهمتهم حماية مطار دمشق الدولي- “لواء بقية الله”، عراقيون وأفغان يقدر عددهم بنحو 400 مسلح، ومهمتهم دعم حماية أسوار مطار دمشق.

أما الميليشيات اللبنانية وفي مقدمتها “حزب الله” الذي ينشر في سوريا آلاف من عناصره وخصوصاً في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية السورية من ريف حمص وصولاً إلى الغوطة الغربية في ريف دمشق.

ينضوي تحت إمرته لواء “السيدة رقية” و”القوة 313″ ويتراوح عددهما بين 150- 200 مسلح لكل منهما في البادية الشامية إضافة إلى “سرايا التوحيد” اللبنانية التابعة للنائب اللبناني السابق “وئام وهاب”.


وتعتمد إيران على أسلوب تشكيل ودعم الميليشيات للضغط على الدول العربية، كسياسة بدأتها منذ نحو ثلاثة عقود في كلّ من لبنان والعراق واليمن وبعض دول الخليج العربي، بهدف توسيع نفوذها في المنطقة من خلال مقاتلين محليين تدعمهم عسكريا.

أما الميليشيات الأجنبية، الأولى ميليشيا “فاطميون” وعناصرها من الشيعة الأفغان اللاجئين في إيران، ويبلغ عددهم نحو 3000 مسلّح، وقاتلوا في درعا وتدمر وحلب. وغالباً ما يشكلون رأس حربة في المعارك، ويرسلون لتنفيذ الاقتحامات والاشتباكات القريبة مع فصائل المعارضة السورية.

أما الثانية فهي ميليشيا “زينبيون” ومقاتلوها من باكستان، وهم أقل أهمية وعدداً من “فاطميون”.

وأبرز الميليشيات المحلية “لواء الباقر”، يقوده “خالد المرعي” وشقيقه “عمر المرعي” من عائلة “علوش” الذين ينسبون أنفسهم إلى قبيلة البكارة في ريف حلب، وأرادوا تأسيس فرعا سوريا لحزب الله بعد عودتهم من لبنان.

كما يعمل الشيخ “نواف راغب البشير” من قبيلة البكارة على تجنيد الشبان في دير الزور لصالح الفرقة الرابعة في قوات النظام ويجري تدريبهم بإشراف مباشر من ليث نواف البشير في معسكرات خاصة لنشرهم شرق الفرات بالريف الغربي بحجة العمل على استعادة مناطقهم من القوات الكردية.

وفي بلدة الجفرة، يوجد “لواء الإمام زين العابدين” يتكون من أبناء البلدة الشيعية في ضواحي دير الزور الشرقية قرب المطار العسكري، وعددهم يتراوح بين 400- 500 مسلح.

في الحسكة، حاولت شخصيات بعثية تأسيس ميليشيات مرتبطة بإيران للقتال إلى جانب النظام لكنها فشلت تحت ضغط القوات الكردية، وجرى القضاء على آخر القوى الفاعلة في مركز المحافظة بعد تصفية عبد القادر حمو قائد ميليشيا الدفاع الوطني مع مجموعته إثر خلاف مع أحد شيوخ الجبور داخل المربع الأمني قبل أشهر.

وفي محافظتي اللاذقية وحماة، توجد ميليشيا “لواء المختار الثقفي”، أما ميليشيا “صقور الصحراء” فيدعمها رجلا الأعمال محمد وأيمن جابر، وتعتبر من أكثر التنظيمات قرباً إلى إيران في سوريا، ويتلقى أفراد هذا التشكيل التدريب على يد مدربين عراقيين، ويقاتلون في أرياف حمص وحلب، فيما يبلغ عدد عناصر “فوج مغاوير البحر” 1000 عنصر من حمص واللاذقية.

كما تعمل ميليشيات “درع القلمون” و”درع الأمن العسكري” على استقطاب الجنود الفارين من جيش النظام وتجنيدهم لصالح ميليشيات عراقية وإيرانية، وهذا ما استدركته وزارة الدفاع في دمشق من خلال اغراء الشبان للتطوع في صفوفها برواتب وحوافز إلى جانب الاعفاء من الخدمة الاجبارية وختمها بشار الأسد في المرسوم الأخير الذي يحث من تجاوزوا سن 40 عاما لدفع البدل النقدي عن الخدمة الاحتياطية بالدولار الأمريكي ما يؤشر دخول العسكرة في سوريا إلى مرحلة الارتزاق مع انهيار حقبة القوات النظامية.

عبدالله الحديدي