يردد كثيرون في منطقة الجزيرة السوري عبارات تمجد “لصوص وأشقياء” خلال سردهم لقصص تسرد تصرفات تعبر عن “الشهامة والأمانة” رغم أنهم يمتهنون الغدر والسرقة وهذا يعود لطبيعة المجتمع الذي تحكمه الأعراف القبلية بعيدا عن القانون والشرائع السماوية.



لكل منطقة “لصها المشهور” وأيضا لكل عشيرة أيضا بطل شقي يفاخر أفرادها بقسوته وقوته وفتكه بالناس والتجار والقرى البعيدة من قوميات أخرى أو عشائر أخرى، ففي دير الزور يتردد اسم “أبو جرخة” وقصة تراجعه عن سرقة منزل بعد سماع صاحبة المنزل تقول لطفلها لنرى ماذا يريد خالك وهي تقصد أنها من العشيرة ذاتها التي ينسب لها هذا اللص.

وفي الحسكة تؤلف قصص الإعجاب وتنسج عن “بيقو” أو “بيغو” الذي كان يسرق من قرى اليزيديين في سنجار العراق مع صديقه “كراوي” ، ومنها حادثة تذوقه الملح في منزل وهو يسرقه خلال التعرف على محتويات الأكياس فطلب من زملائه اللصوص ترك البيت، لأن ثقافة المنطقة تقدر “الملح والزاد”.

وبهذا السياق يتداول كثيرون قصص فظائع بشار الأسد وشقيقه ماهر خلال سنوات الثورة السورية وقبلها وجرائم والده حافظ الأسد وعمه رفعت إلى جانب التندر والإعجاب حول جرائم ارتكبها رؤساء الأفرع الأمنية لأسباب تافهة بحجة حماية عناصرهم من عناصر فروع أمنية أخرى فيعاقب “المعلم” عناصره بقسوة إذا سمحوا لأحد بالاعتداء عليهم.

وكثيرا ما سمعت من رجال يتحدثون عن وحشية العماد ناجى جميل قائد القوات الجوية خلال مجزرة حماة إبان حكم الأسد الأب في ثمانينيات القرن الماضي، ولا يخفون اعجابهم بقوته حين يتحدثون عن عمله على إلقاء ضحاياه من أعلى المباني بعد رفعهم بكلتا يديه، دون اكتراث للضحية الذي غالبا ما يشار إليه بلفظة “واحد إخونجي” وكأنه ذرة لا عائلة له ولا من هم يحزنون.

من العبارات التي رددها كثيرا كبار السن سابقا: “الما يبوق مو زلمة” في ذلك الزمن أي الذي “لا يسرق ليس رجلا” رددها بعض المتعلمون لتبرير ذكرهم قصص اللصوص بطريق منمقة تظهرهم كشجعان وأصحاب أخلاق وشهامة خلال تنفيذ عمليات السلب والنهب! رغم امتهانهم القتل وسفك الدماء والسرقة..وهو تماما ما يفعله أنصار بشار الأسد من إعلاميين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي حين يتغنون ببطولات من قتل العباد وشردهم ودمر البلاد.

و في المجتمعات العربية ترتفع مكانة الرجال من القتلة القساة والسراق بقدر ما يفتكون بالبشر!

وهكذا نصادف مواطنون عرب يلومون السوريين لأنهم ثاروا ضد الدكتاتور بشار الأسد بسبب مكانة المجرم في مجتمعاتنا المتأثرة بماضي البداوة، فتزداد فيها مكانة “الشقي المتسلط” بمقدار زيادة عدد ضحاياه وحين يلقى مصرعه يصبح بطلا!

وتبقى شخصيات الفُتاك مضرب للمثل لسنوات رغم إبداء تحفظ كاذب مغلف بتبريرات ارتكاب الجرائم بشروط – غالبا تكون مصدرها العرف- ليبقى لها صيت كقصة إرجاع “بيغو” عشر نعجات لصيرة سطا عليها ونهب منها قطيعا كاملا وذلك بعد أن قال له رفاقه اللصوص: أين حق الله!

ورفاق “بيغو” يمثلهم اليوم البعثيون وأعضاء مجلس الشعب وشيوخ العشائر الذين يقتل بهم بشار الأسد الناس ويذلهم ويخرجهم من ديارهم ثم يناشدونه بكلمة: “أين حق الله!”

فيسمح “بيغو دمشق” لبعضهم بالعودة إلى منازلهم وهم يرفعون صوره منادين بحياته شكرا على “مكرمة” السماح بالعيش في منازلهم!

محمد الحسون – دجلة نت