في ظل الأزمة الدائمة وتدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، اتخذت دمشق سلسلة من الإجراءات الاقتصادية أسهمت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية بدلاً من تحسينها و أثارت جدلاً واسعًا بين المواطنين والمحللين الاقتصاديين، خاصة أن زيادة الراتب كانت بنسبة 50 بالمئة بينما كانت زيادة الأسعار أضعافا مضاعفة.

وهكذا أخذ بشار الأسد باليسار ما يتظاهر بأنه يعطيه باليمين للموظفين.

فتضاعف سعر ربطة الخبز مرتين، خطوة مثيرة للجدل، وهي العنوان العريض على مدى عقود للحكومات في عهد الأسد الراحل وابنه بشار على حد سواء، بينما حاولت الحكومة تبرير هذا القرار بضرورة تحمل المواطن جزءًا من تكاليف إنتاج الخبز على عكس مبدأ الدعم الذي يذّكر به المواطن السوري ليل نهار في معرض تقريعه على أي تذمر من ممارسات حكام دمشق.

وكأنها تريد التدرج بالقول للشعب بأنه “عالة على الحكومة” والحقيقة أن الشعب يعاني من سياسات الحكومة ونتيجة تمسك الرئيس بشار الأسد بالمنصب، وهذه المرة الثانية التي تعقب مراسيم زيادة الأجور ارتفاعات كبيرة بالأسعار.

وجاءت زيادة أسعار المحروقات ثلاثة أضعاف ليتبعها ارتفاع تكاليف الإنتاج والمعيشة بنسبة وصلت إلى 200 بالمئة، دون تقدير للوضع المالي الصعب الذي يعيشه المواطن السوري، ما يضع حملا إضافيًا على كاهل الأسر الفقيرة خاصة تلك التي لا يوجد فيها موظفون فهي بالأساس لم تستفد من الزيادة الضئيلة وتحملت العبء الأكبر من رفع الأسعار، وستواجه آثار التضخم الناتج عن زيادة الكتلة النقدية في الأسواق.

وهذا يعني ان بشار الأسد سيأخذ الزيادة من جيوب السوريين على أساس المثل السوري القائل” “من صوفها اكتفها”.
وبالنسبة للموظفين فإن الزيادة لا تكفي لتعويض تدهور قيمة العملة وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يحولها إلى تخفيض فعلي في الأجور لأن الراتب بعد الزيادة بات يشري كمية أقل من الغذاء ومستلزمات المعيشة، رغم أن الحد الأدنى أصبح قرابة 300 ألف ليرة سورية.

من الواضح أن هناك غيابًا كبيرًا في مستوى الشفافية في توضيح القرارات الاقتصادية للحكومة، فالمواطن يجد نفسه غارقًا في تداول الإشاعات والتكهنات دون أن يحصل على معلومات دقيقة حول الخطط، ..فهل تريد دمشق رفع الدعم كليا أم أنها إجراءات مؤقتة؟

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، تبرز أهمية الحوالات الخارجية من المغتربين واللاجئين لذويهم كوسيلة لتعويض الفجوة بين الدخل والإنفاق، ورغم ذلك تمارس الحكومة رقابة شديدة عليها مع محاولة صرف العملات الأجنبية بأسعار أدنى من السوق.

وتظهر الإجراءات الحكومية الأخيرة فشلًا واضحًا في التصدي للتحديات الاقتصادية، مع أن الوضع يتطلب استراتيجيات أكثر ذكاءً وإصلاحات هيكلية لتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى الحياة.