مع  حلول كل عيد  يشرع الأهالي في مدن الجزيرة السورية وأريافها بالاستعداد للعيد عبر شراء الألبسة الجديدة للأطفال كأولوية وتأمين الحلويات، وهي صلب ضيافة العيد ويعتنون بشكل خاص بكعك العيد الأشهر وهو “الكليجة”، فالكليجة مع احتفال الأطفال وطوافهم على المنازل السمتين البارزتين لأعياد محافظات الحسكة ودير الزور والرقة.

ولا يشعر الناس  بقرب موعد العيد أو طعمة دون صناعة “الكليجة” في بيوتهم حتى تفوح رائحتها في كل ركن من أركانه إيذاناً بقدوم اليوم السعيد، فتتسلل رائحتها إلى منازل الجيران وإلى أنوف المارة في الدروب فتذكر من نسي التحضير لها، وعيد الأضحى بسبب موعده الثابت يكون يوم الوقفة هو يوم إعداد “الكليجة”.

تجتمع النساء لإعداد العجين وتقطيعها إلى أقراص أو مستطيلات قبل المباشرة في وضع الصحون داخل الفرن، وقد تذهب أولى الوجبات إلى أيدي الصغار قليلي الصبر وأفواه الذواقة من الجارات ورجال البيت فتقدم ليلة العيد مع الشاي.

 وأمست ساعات اعداد “الكليجة” مناسبة لاجتماع تتخلله أحاديث طويلة بين الجارات والصديقات، كما هي مناسبة ملائمة جداً لاستعراض المهارات في صناعة أشكال العجينة عبر القوالب الخشبية أو البلاستيكية أو بصناعة العجينة على شكل ظفيرة، وتدور أحاديث طويلة حول أي النساء كانت مقاديرها دقيقة أو لذيذة.

رغم التعب في إعدادها، هي لحظات جميلة تسبق العيد وتعطيه من لونها ورائحتها، التي باتت في أذهان أهالي الجزيرة تمثل رائحة العيد القادم، لذا يجب أن تعد ليلة العيد أو قبلها حتى تكون جاهزة تقدم للضيوف وأهل البيت في الصباح مع اللبن المخثر (الخاثر) على وجبة الإفطار أو لوحدها مع الشاي في ساعات الضحى والعصر طوال أيام العيد.

وتبدأ النساء بإحضار كمية كافية من الطحين تتناسب مع حجم عائلتها أو الضيوف الذين يتوقع حضورهم يوم العيد، فتمزج الطحين والسكر والحليب وتعجن هذه المواد بالسمن العربي (البلدي) مع الخميرة، كما تضيف إليها الخلطة الخاصة أو ما يعرف بـ “بدوا الكليجة” ويسميها البعض “بهرات الكليجة” وهي عبارة عن مسحوق مكون من يانسون وشمرة وحبة البركة والقرفة وهال ومحلب، ومؤخراً باتوا يضيفون إليها “الفانيليا” و” البيكنج باودر” وقد تعجن بالكولا.

وكانت طريقة إعداد هذا الكعك مختلفة، فاليوم تتجمع الفتيات والأمهات حول الأفران الحديثة وبجهد قليل تكون جاهزة وبأفضل المكونات التي دخل فيها السمسم وربما المكسرات والتمر وغيرها مما لم يكن يتوفر في الماضي.

 أمّا في السابق  كانت الكليجة تقطع دون قوالب بالسكينة على تختة الخبز (خشبة)، ثم يدهن وجه القطع بالبيض لإعطائها اللمعة اللازمة ووقايتها من الاحتراق، قبل أن توضع في التنور حتى تنضج ويبقى طعمها ورائحتها الفريدة بسبب الخلطة المخصصة، التي يعرفها أصحاب المتاجر في مدن الحسكة والرقة ودير الزور، فلا يتطلب الأمر سوى أن يقول الشخص لصاحب المحل “دوا كليجة”  أو بهارات الكليجة فيعطيك الخلطة جاهزة والكمية المناسبة.

وتعتبر الكليجة من أشهر الحلويات أو الكعك الذي يكاد يكون الوحيد الذي يصنع في العيد بالجزيرة السورية ودونها يبقى العيد دون رائحة وطعم، وتشترك بذلك مع العراق ودول الخليج العربي بوجوب وجود “كليجة” العيد، لكن شكلها ومكوناتها تختلف من بلد لأخر وأيضاً الروايات المنسوجة حول أصل التسمية فمنهم من يرى أنها مأخوذة من الفارسية وآخرون يقولون إنها تقابل كلمة “كليشة” لنها تصنع بقالب معين، بينما توجد في المعاجم العربية كلمات قريبة منها إحداها “الكَيْلَجَةُ” وهي المكيال وأخرى “الكَلَجُ” وتعني الشدة والصلابة، لكن ليس بالضرورة أن تكون تلك الروايات صحيحة.

المصدر: دجلة نت

تعليق واحد على ““كليجة” العيد في الجزيرة السورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *